فمن كان كاذبا فكيف يؤمن على إخباراته والله تعالى نهانا عن الأخذ بأخبار الفسّاق الكاذبين؟! وهل يصح الاعتماد على هؤلاء في تفسير كتاب الله ورواية الحديث عن رسوله الكريم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
ثالثا : التأمل في النصوص الواردة بشأن أهل البيت ، سواء المرتبط منها بآية التطهير أم غيرها كحديث الثقلين وحديث المباهلة وما إلى ذلك ، يفيدنا أنّ مفهوم «الأهل» لا يشمل الأزواج في استعمالات العرب إلّا على نحو المجاز الذي يحتاج فيه إلى عناية خاصة ، وقرينة توضيحية متصلة أو منفصلة ، ويشهد لهذا ما ورد بالمستفيض بل بالمتواتر قول النبيّ لأم سلمة حينما قالت :
«يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال : إنك على خير ، إنك من أزواج النبيّ»(١).
وما ورد أيضا عن زيد بن أرقم حيث قيل له : «من أهل بيته ، نساؤه؟ قال : لا وأيم الله ، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها (٢).
فتعليل زيد بن أرقم يدل على المفروغية عن ذلك ، ولا يبعد دعوى التبادر من كلمة (أهل) إلى خصوص من كانت له بالشخص وشائج قربى ثابتة غير قابلة للزوال ، والزوجة وإن كانت قريبة من الزوج ، إلا أن وشائجها القريبة قابلة للزوال بالطلاق وشبهه كما ذكر زيد.
رابعا : إن مقالة عكرمة : «ليس بالذي تذهبون إليه ..» دلالة قطعية على نزول الآية في حق العترة الطاهرة ، وما إصرار عكرمة على اختصاص الآية بنساء النبيّ سوى صرف الآية عن المعنى المركوز والمتبادر إليه في فهم الآية يوم ذاك من حيث اختصاصها بأهل الكساء الخمسة دون نساء النبيّ ، فخروجه إلى السوق وإعلانه رأيه
__________________
(١) شواهد التنزيل ج ٢ / ٥٨ حديث رقم ٧١٣ و ٧٣٧ و ٧٥٧ ، والدر المنثور ج ٥ / ٣٧٧.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٣ / ٤١٥.