فلم يقتنع الملك بهذا الجواب من وزيره «نظام الملك» وقال له : لا بدّ من إحضار علماء الطرفين ، لينكشف لنا الحق ونميّزه عن الباطل ، فاستمهل الوزير الملك إلى شهر لتنفيذ الأمر ، ولكنّ الملك الشاب لم يقبل ذلك.
وأخيرا تقرر أن تكون المدة خمسة عشر يوما. وفي هذه الأيام جمع الوزير «نظام الملك» عشرة رجال من كبار علماء السنّة الذين يعتمد عليهم في التاريخ والفقه والحديث والأصول والجدل ، كما أحضر عشرة من علماء الشيعة ، وكان ذلك في شهر شعبان في المدرسة النظامية ببغداد ، وتقرّر أن ينعقد الاجتماع على الشروط التالية :
أولا : أن يستمر البحث من الصباح إلى المساء باستثناء وقت الصلاة والطعام والراحة.
ثانيا : أن تكون المحادثات مستندة إلى المصادر الموثوقة والكتب المعتبرة لا عن المسموعات والشائعات.
ثالثا : أن تكتب المحادثات التي تدور في هذا المؤتمر (١).
وفي اليوم المعيّن ، جلس الملك ووزيره وقواد جيشه وجلس علماء السنّة عن يمينه ، كما جلس علماء الشيعة عن يساره.
____________________________________
(١) ذكرنا في المقدمة أن مصطلح «مؤتمر» أدخل على الكتاب في القرون المتأخرة عن تاريخ صدوره ، ولا علاقة لمقاتل بن عطية بهذه التسمية أصلا فما تمسك به بعض من أن تعنون الكتاب بها قرينة على افتراضيته ، دونه خرط القتاد.