ذلك عثمان بن عفّان بالنصّ على عمر من دون علم أبي بكر خشية أن يدركه الموت قبل الوصية ، فأمضى ما كتبه عثمان لمّا استفاق.
ذكر ابن الأثير في تاريخه أنّ أبا بكر أحضر عثمان بن عفان ليكتب عهد عمر بن الخطاب ، فقال له : اكتب :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين.
أما بعد ...
ثم أغمي عليه ، فكتب عثمان :
أما بعد ...
فإني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيرا!.
ثم أفاق أبو بكر ، فقال : اقرأ عليّ. فقرأ عليه فكبّر أبو بكر وقال : أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي ، قال : نعم ، قال : جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله.
فلما كتب العهد أمر به أن يقرأ على الناس ، فجمعهم وأرسل الكتاب مع مولى له ومعه عمر ، فكان عمر بن الخطاب يقول للناس : انصتوا واسمعوا لخليفة رسول الله فإنه لم يألكم صالحا ، فسكن الناس وقرأ عليهم الكتاب ثم أشرف أبو بكر على الناس وقال : أترضون بمن استخلفت عليكم؟ فإني قد استخلفت عليكم ذا قربة ... (١).
انظر كيف افتروا على رسول الله محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجعلوا أبا بكر خليفة رسول الله ولا عجب من عمر كيف ينصّت الناس ليسمعوا من خليفة رسول الله ليمهّد لنفسه أن ينصتوا ويسمعوا له ويطيعوا.
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ٢ / ٤٢٥.