ثانيا :
إنّ الله سبحانه وتعالى أطلق طاعة النبي في حال الصحة والمرض بقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (١) وقوله أيضا (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) (٢) وقوله تعالى (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٣).
وقوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ* وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) (٤) ولقوله تعالى : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) (٥).
ونسبة الهجر إلى النبيّ مناف لهذا الإطلاق بالطاعة وبالأخذ منه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخلاف كونه أمينا.
وقوله تعالى (وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) إشارة إلى بعض أصحابه الذين قذفوهصلىاللهعليهوآلهوسلم بالهجر لأن من وقع عليه الهجر كان مجنونا ، لأن الجنون حالة في الإنسان يستتر فيها العقل ، وكل ذلك ينافي فائدة البعثة.
ومما ذكر يعلم أنه لا فائدة فيما قصدوا به إصلاح هذه الغلطة إذ بدّلوا في بعض أخبارهم لفظ الهجر إلى «غلبه الوجع» لأن النتيجة بهما واحدة وهي إثبات الهذيان للنبي «حاشاه» صلوات الله عليه وآله.
ثالثا :
لما ذا لم ينسب عمر بن الخطّاب إلى أبي بكر «الهذيان» عند ما أوصى بالخلافة إلى عمر نفسه وكان قد أغمي على أبي بكر أثناء تحرير الاستخلاف فأتمّ
__________________
(١) سورة النساء : ٥٩.
(٢) سورة الحشر : ٧.
(٣) سورة الأحزاب : ٣٦.
(٤) سورة التكوير : ٢١.
(٥) سورة النجم : ٢.