ذلك» ، وكأن الحباب وسعدا والزبير وبني هاشم لا سيما مولى الثقلين أمير المؤمنين وزوجه الطهر الطاهر فاطمة روحي فداها لم يكونوا من الصحابة بل ولا ـ بنظر أبي بكر وعمر ـ من المسلمين؟!
رابعا : إنّ هذا الاختلاف الفاحش في كيفية عقد الإمامة يعرب عن بطلان نفس الأصل الذي ابتدعوه ، فلو كانت الإمامة مفوّضة إلى الأمة ، لكان على النبيّ العظيم بيان تفاصيلها وخصوصياتها وخطوطها العريضة ، وهل أنها تنعقد بواحد أو باثنين من الصحابة ، أو بأهل الحل والعقد أو بالصحابة الحاضرين يوم وفاة النبي؟!!
خامسا : كيف يعقل أن يترك النبي أمته بلا تعيين خليفة وهو يعلم إن لم يفعل بأن أمته سوف يتسلط بعضهم على بعض ، وسوف يريق بعضهم دماء بعض من أجلها ، وهو القائل ـ وكما ورد في سنن أبي داود والنسائي ـ أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة ناجية ، والباقون في النار» ، «وأنّ أصحابه لن ينجو منهم إلّا مثل همل النعم ، فيرتدّ أكثرهم ويرجعون بعده كفارا ، فيقال للنبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم» (١).
فهذه الأحاديث وأمثالها تشهد على ما كان يعلمه النبيّ الكريم من اختلاف أمته ، وأن الخلافة من بعده من أولى قضاياه الكبرى ، ومع هذا يقال إنه «صلوات الله عليه وآله» لم يوص ، أو أنه أوكل اختيار الخليفة إلى عقول الناس المتضاربة ، ولو كنّا نصدّقها مستسلمين لكذّبنا عقولنا وتفكيرنا ، فإن الإسلام جاء رحمة للعالمين لينقذهم من الجاهلية والهمجية ساكتا عن أعظم أمر مني به الإسلام والمسلمون مع أنه كان على علم به؟!
فما علينا إلّا أن نتّهم التاريخ وحملة الحديث بالكتمان وتشويه الحقائق بقصد أو بغير قصد ، ولئن لم يكن محمّد نبيا مرسلا يعلم عن وحي ويحكم بوحي ،
__________________
(١) تقدم مصادر هذا الحديث فلاحظ.