فأعرض عنه عمر وقال سعد أما والله لو أنّ لي قوّة ما أقوى على النهوض لسمعت مني في أقطارها وسككها زئيرا يجحرك وأصحابك ، أما والله إذا لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع ، احملوني من هذا المكان فحملوه فأدخلوه في داره وترك أياما ثم بعث إليه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك ، فقال : أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبلي وأخضب سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي فلا أفعل وايم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي واعلم ما حسابي ، فلما أتى أبو بكر بذلك قال له عمر لا تدعه حتى يبايع ، فقال له بشير بن سعد إنه قد لجّ وأبى وليس بمبايعكم حتى يقتل وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته فاتركوه فليس تركه بضارّكم إنما هو رجل واحد فتركوه .. فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع معهم ويحج ولا يفيض معهم بإفاضتهم فلم يزل كذلك حتى هلك أبو بكر» (١).
بل إن عمر نفسه قد اعترض بعد وفاة أبي بكر على خلافته فقال : «فلا يغرّن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فقد كانت كذلك غير أن الله وقى شرّها» (٢).
كيف لا تكون فلتة وقد قامت على ظلم آل محمّد عليهمالسلام ، ونفسه أبو بكر يعبّر عن هويته حينما قال :
«إن لي شيطانا يعتريني فإذا غضبت فاجتنبوني ، وإن استقمت فأعينوني وإن زغت فقوّموني» (٣).
أفيصح بعد ذلك أن يتشدق القرطبي ويقول : «ولم ينكر أحد من الصحابة
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٢ / ٤٥٩ والإمامة والسياسة ص ٢٧ ط / الرضي ، قم.
(٢) نفس المصدر ج ٢ / ٤٤٦.
(٣) الإمامة والسياسة ص ٣٤.