شيء مما كان مشروطا في النبيّ من العصمة والتسديد ولا أن يكون عارفا بأصول الشريعة وفروعها ومعارفها العليا ، لأن الهدف المتوخى من الإمام ـ حسبما يدّعون ـ هو أعمال السلطة وقيادة الهيئة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وتكفيه المقدرة العادية والعلم بمقدار محدود ، وقد عبّر الباقلاني عن ماهية الخليفة حيث قال :
«يجب أن يكون الإمام على أوصاف منها : أن يكون قرشيا من الصميم وأن يكون من العلم بمنزلة من يصلح أن يكون قاضيا من قضاة المسلمين ، وأن يكون ذا بصيرة بأمر الحرب وتدبير الجيوش والسرايا وسد الثغور (١).
هكذا ينظر الأشاعرة إلى الإمامة أو الخلافة ، فعلام إذن يكفّرون الشيعة ما دامت الخلافة أمرا اعتباريا كبقية المناصب والمراسيم الوضعية؟
إنّ الخلافة ـ بنظر المسلمين الشيعة الإمامية ـ هي سفارة ربّانية لا ينالها إلّا من ارتقى في عالم الملكوت ، من هنا فإن الإمامة التي هي من مختصات أهل البيت عليهمالسلام كانت لجدهم إبراهيم الخليل حيث شرّفه بها بعد النبوة والرسالة بقوله تعالى :
(وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٢).
فالآية تتناول موضوع مطلق الإمامة التي تشرّف بها ابراهيم خليل الرحمن ، هذه الإمامة التي هي أرقى من مقام الرسالة ، والتي يعبّر عنها بالخلافة وهي في الواقع أثر من آثار الرسالة ورشح من رشحاتها ، والخلافة بهذا المعنى هي من لوازم إمامتهم المطلقة التي يطلق عليها اسم «الولاية» ، فولايتهم تعني الإمامة المطلقة التي من لوازمها العلم المطلق والقدرة المطلقة ، وهي بهذا المعنى أرقى من الخلافة التي نصطلح على تسميتها ب «مطلق الإمامة».
__________________
(١) التمهيد ص ١٨١.
(٢) سورة البقرة : آية : ١٢٤.