«أمهات نسائكم» فمن اتصفت كونها أما لزوجة ولو للحظة تحرم على الزوج وإن زالت علقة الزوجية.
على هذا الأساس : فإن المشايخ الثلاثة قضوا أعمارهم في المعاصي قبل الإسلام وبعده ، ومن كانت سيرته كما وصفنا كيف يقاس بالإمام عليّ الذي لم يعهد منه خطل في رأي ولا فعل ، بل بقي عمره منذ كان صغيرا مع رسول الله لم يفارقه أبدا ، وهل يقاس بمن شهد له الله تعالى بالولاية عند ما تصدق بخاتمه وطهّره بمحكم تنزيله ، أحد من الناس؟!
فلو دار الأمر بين إنسان كان طاهرا ونقيا جميع عمره وبين إنسان كان ظالما في أول عمره تقيا في آخره فأيهما يختار ويفضّل العقل؟
والجواب : قطعا يفضّل الأول على الثاني ، ومن هذا القبيل يكون الخيار واقعا على أمير المؤمنين دون سواه لسبق المعاصي منهم.
الثاني :
إنّ المتقدمين على الإمام عليهالسلام لم يكونوا بذاك المستوى من العلم والورع والجهاد ، حيث لم يعرف لأحد منهم موقف ولا مشهد ، هذا بالإضافة إلى سبق إسلامه عليهم ولم يشرك بالله طرفة عين ، فهو ممن شهد له الأعداء بفضله وعلو كعبه ، وتقديم المفضول الأدنى على الفاضل الأرفع قبيح عقلا وشرعا.
أما العقل فإنه يوبّخ من قدّم الأدنى على الأرفع والأشرف ، وهذا مبدأ عقلائي لا نزاع فيه.
وأما الشرع فإنه استنكر واعترض على من فعل ذلك بآيات كثيرة منها قوله تعالى : (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١).
__________________
(١) سورة يونس : آية ٣٥.