وانتهاك حرماته ، واجتراؤهما على رسول الله ونعت الثاني له بالهجر وهو على فراش الموت.
وبالجملة :
إنّ تخلّف أمير المؤمنين عليهالسلام لم يكن مراعاة لحق مولاتنا الزهراء ، لأن البيعة لو كانت حقا خاصا لأبي بكر لم يكن للإمام عليهالسلام أن يهادن عليه محاباة ولو للحظة واحدة ، وإنما تخلّفه كان من أجل الاعتراض على القوم ، وأنهم ادّعوا ما ليس لهم ، لأنّ الخلافة أمرها منوط بالنص الإلهي ، ولا مدخلية لآراء الناس فيها ، وعلى تقدير كونها منوطة بآراء الأمة فلا يخلو الأمر من ثلاثة :
أولها : أن تكون الإمامة على الخلق من المناصب الشرعية التي يكون الكتاب والسّنّة كافلين ببيان من له أهليتها وأحقيتها لأنهما قد اشتملا على بيان كل شيء ، فيلزم على هذا اجتماع كل من له أهلية استنباط الأحكام من المدارك المقررة ثم يتدارسونها ويستخرجون منها أحقية شخص معين للإمامة ، فمتى اتفقوا كلهم على دلالة الكتاب والسّنّة على إمامته انعقدت ، ومتى لم يتفقوا لم تنعقد ويعيدون النظر مرة أخرى وأخرى إلى أن يحصل الاتفاق ، ويلزم من هذا الوجه اعتبار قول من له أهلية الاستخراج من كتاب الله وسنّة رسوله من الرجال والنساء وغيرهم ، ويلزم منه أيضا أنهم إذا لم يتفقوا لم يحصل انعقاد الإمامة ، بل يجب إعادة النظر لأن نصب الإمام واجب على الخلق ، ولا يتم إلّا بالنظر ، وما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب ولا يكون لكل واحد أن يعمل برأيه ، وإن عمل لا يكون مؤاخذا لأن ذلك في المسائل الظنية التي لا دليل عليها قطعا.
ثانيها : أن تكون الإمامة على الخلق من المناصب الشرعية ، لكن المقتضى لثبوت حقوقها على الخلق من الطاعة والانقياد هو مبايعة الخلق ، فكل شخص يثبت الحق على نفسه ببيعته بمجرد الرأي من غير رجوع إلى الكتاب والسنة ، فإذا بايع الجميع انعقدت الإمامة شرعا عموما لأن كل شخص ـ بحسب هذه الدعوى ـ