وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (١).
فالأمة مجمعة في روايتها على أن رسول الله كان قد ضمه قبل وفاته إلى أسامة بن زيد مع صاحبه وجماعة من رؤساء المهاجرين والأنصار وأمرهم بالمسير معه إلى الشام وخرج أسامة في حياة الرسول فعسكر خارج المدينة واعتل الرسول علته التي توفي فيها ، وكرّر لهم النبي مقالته «نفذوا ـ أي جهزوا ـ جيش أسامة لعن الله المتخلّف عن جيش أسامة» إلى أن ارتحل النبي ولم ينفذوا جيش أسامة ثم أقبلا ـ أي أبو بكر وعمر ـ يخاصمان الأنصار في طلب البيعة ، فبايع الناس أبا بكر ، وأسامة على حال معسكره خارج خارج المدينة يراسلهم فلا يلتفتون إليه حتى إذا استوى لهم الأمر ، بعث ـ أبو بكر ـ إلى أسامة أن الناس نظروا في أمورهم فلم يجدوا لهم غنى عني ، وقد نظرت في أمري فلم أجد عن عمر غنى فخلفه عندي وامض في الوجه الذي أمرك به الرسول بالمضي فيه ، فكتب إليه أسامة من الذي أذن لك في نفسك بالتخلف عني حتى تطلب مني الإذن لغيرك إن كنت طائعا لله ولرسوله فارجع إلى معسكرك ومركزك الذي أقامك فيه رسول الله (٢).
ولم يكتف القوم بتخلفهم عن جيش أسامة حتى طعنوا بإمارته وقدحوا برسول الله مدّعين أنه أمر عليهم غلاما.
«فغضب الرسول غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة ، وعليه قطيفة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد أيّها الناس فما مقالة بلغني عن بعضكم في تأمير أسامة ولئن طعنتم في تأميري أسامة فقد طعنتم في تأميري أباه من قبله ، وايم الله إنه كان للإمارة لخليقا وان ابنه من بعده لخليق للإمارة ، وإن كان لمن أحبّ الناس إليّ فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم ..» (٣).
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٦.
(٢) البحار ج ٣١ / ١٤ والاستغاثة ص ٢٥.
(٣) البحار ج ٣١ / ١٥.