أولا : إن مالك بن نويرة كان صحابيا قد بعثه رسول الله على صدقة بني تميم وبني يربوع وكان قد أسلم هو وأخوه متمم (١) ، ولم يثبت بدليل قطعي أنه ارتدّ ، ولو شككنا بإسلامه بعد اليقين فنستصحب إسلامه.
ثانيا : إن عامة المؤرخين ذكروا أن أبا بكر ودّى مالكا في بيت المال وردّ سبيهم لأخيه متمم بن نويرة.
ثالثا : إن عمر بن الخطاب نفسه يعترف بأن مالكا مسلم عند ما قال لأبي بكر : إن عدو الله ـ أي خالد ـ عدا على امرئ مسلم فقتله ونزا على امرأته (٢). وشهد على ذلك أيضا أبو قتادة حيث قال : إن مالكا وأصحابه أذّنوا وصلّوا (٣).
رابعا : وعلى فرض ارتداد مالك فهل يسوغ لخالد أن يزني بزوجة الرجل في ليلة مقتل زوجها ، ألم يأمر الله عزوجل في القرآن الكريم بعدة الوفاة مع الاستبراء بالحيض بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (٤) (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (٥) وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) (٦). فالارتداد لا يسوّغ البناء بها قبل الاستبراء بالحيض وعدة الوفاة ، فكيف خفي ذلك على خالد سيف الله المسلول على حدّ زعم أبي بكر الخليفة؟!!
أنّى لنا أن نعدّه سيفا من سيوف الله وقد اغتصب فروج الحرائر وسفك تلكم الدماء الزكيّة من الذين آمنوا بالله ورسوله واتّبعوا سبيل الحق وصدّقوا بالحسنى ، وأذّنوا وأقاموا وصلّوا وقد علت عقيرتهم : بأنّا مسلمون؟!! وأنّى لنا أن نعدّه كذلك
__________________
(١) أسد الغابة ج ٥ / ٤٨ و ٥٤.
(٢) تاريخ الطبري ج ٢ / ٥٠٤.
(٣) أسد الغابة ج ٥ / ٤٩ وتاريخ الطبري ج ٢ / ٥٠٤ والكامل لابن الأثير ج ٢ / ٣٥٩.
(٤) سورة البقرة : ٢٣٤.
(٥) سورة البقرة : ٢٢٨.
(٦) سورة الطلاق : ١.