الله فإن أبى إلّا أن نمضي فأبلغه عنّا واطلب إليه أن يولّي أمرنا رجلا أقدم سنّا من أسامة.
فخرج عمر بأمر أسامة إلى أبي بكر فأخبره بما قالوا ، وأن الأنصار تطلب رجلا أقدم سنا من أسامة ، فوثب أبو بكر وكان جالسا ، وأخذ بلحية عمر وقال : ثكلتك أمك يا ابن الخطّاب! استعمله رسول الله وتأمرني أن أعزله؟
ثم خرج أبو بكر حتى أتاهم وأشخصهم وشيّعهم وهو ماش وأسامة راكب .. فلما أراد أن يرجع قال لأسامة : إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل ، فأذن له» (١).
من خلال عرض هذا المقطع نلاحظ شيئين :
الأول : إن الذي شكّك بأسامة إنما هو عمر وأصحابه ، من هنا أخذ بلحيته أبو بكر مستنكرا عليه بأن النبيّ أمّره وعمر يريد أن يعزله بحجة صغر سنه ، تماما كما فعل أبو عبيدة بن الجراح بالإمام عليّ عليهالسلام حينما قهروه على البيعة فقال للإمام عليهالسلام : «يا بن عمّ إنك حديث السنّ وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ..» (٢).
الثاني : طلب أبي بكر من أسامة استبقاء عمر بجانبه لحاجته إليه في السلطة ، ما يقتضي الاعتقاد أن المسألة دبراها وعقدا فصولها بإحكام ، وأجادا توزيع الأدوار لتحقيق ما أراداه.
لقد عصيا الله ورسوله ، ومن يعص الله ورسوله له عذاب عظيم ، قال تعالى :
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً) (٣).
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٤).
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ٢ / ٣٣٥.
(٢) الإمامة والسياسة ص ٢٩ / لابن قتيبة الدينوري ، المتوفى عام ٢٧٦ ه.
(٣) سورة النساء : ١٤.
(٤) سورة الأحزاب : ٣٦.