وهي على هذا الأساس ملك خاص بالرسول حباه الله تعالى بها عند نزول قوله تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١).
(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢).
ومعنى (أَفاءَ اللهُ) أي ردّ ما كان للمشركين على رسوله بتمليك الله إياه ، ومعنى «منهم» : أي من اليهود الذين أجلاهم الرسول بسيف أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) أي ما استوليتم على تلك الأموال بخيولكم وإبلكم لأجل الاستيلاء عليها.
(وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) أي يمكّن الله رسله من عدوهم من غير قتال ، بأن يقذف الرعب في قلوبهم ، فجعل الله أموال بني النضير وقريظة لرسوله خالصة يفعل بها ما يشاء ، وليست من قبيل الغنائم التي توزع على المقاتلين.
ومعنى قوله تعالى في الآية الثانية : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) : أي من أموال كفار أهل القرى كيهود خيبر وغيرها ، (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) أي أنه عزوجل جعل تلك الأموال ملكا لرسوله ، (وَلِذِي الْقُرْبى) أي قرابة النبيّ وليس هناك أقرب من ابنته السيّدة فاطمةعليهاالسلام ، (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) وهذه القرى حسبما ورد عن ابن عباس وعامة المفسّرين هي : فدك وخيبر وعرينة وينبع ، جعلها الله لرسوله يحكم فيها بما أراد ، وأخبر أنها كلّها له ، فقال أناس : فهلّا قسّمها؟ فنزلت الآية (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ...).
إذن هي خالصة لرسول الله لا يشاركه فيها أحد ، لكنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أهداها لمولاتنا
__________________
(١) سورة الحشر : ٦.
(٢) سورة الحشر : ٧.