ولكنه في موضع آخر من كتابه رفض كون فدك من المستثنيات بناء على أن السورة كلها مكية ، وفدك لم تكن إذ ذاك تحت تصرف النبيّ ، بل إن مطالبة الصدّيقة الزهراء بفدك بعنوان أنها إرث (١) لا نحلة. وعلى كل فإنه وافق على كون أرض فدك هي من ميراث رسول الله لابنته الصدّيقة الطاهرة.
وكذا صرّح الزمخشري في الكشاف فقال : سورة الإسراء مكية إلّا الآيات ٢٦ و ٣٢ و ٣٣ و ٥٧ ومن آية ٧٣ إلى غاية آية ٨٠ فمدنية (٢).
٦ ـ بالإسناد عن أبي سعيد قال : لما نزلت آية (وَآتِ ذَا الْقُرْبى) دعا رسول الله فاطمة فأعطاها فدكا (٣). ثم قال : ورواه الطبراني.
٧ ـ ما أورده الرازي في تفسير قوله تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) (٤).
قال : ومعنى الآية ، أن الصحابة طلبوا من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يقسّم الفيء بينهم كما قسّم الغنيمة بينهم ، فذكر الله الفرق بين الأمرين ، وهو أن الغنيمة ما أتعبتم أنفسكم في تحصيلها وأوجفتم عليها الخيل والركاب ، بخلاف الفيء فإنكم ما تحملتم في تحصيله تعبا ، فكان الأمر فيه مفوضا إلى الرسول يضعه حيث يشاء.
إن أهل فدك انجلوا عنه فصارت تلك القرى والأموال في يد الرسول من غير حرب ، فكان عليه الصلاة والسلام يأخذ من غلة فدك نفقته ونفقة من يعوله ، ويجعل الباقي في السلاح والكراع ، فلما مات ادعت فاطمة عليهاالسلام أنه كان ينحلها فدكا ، فقال أبو بكر : أنت أعز الناس عليّ فقرأ ، وأحبهم إليّ غنى ، لكني لا أعرف
__________________
(١) تفسير روح المعاني ج ٩ / ٩٠ ، سورة الإسراء بتصرف ببعض الألفاظ.
(٢) تفسير الكشاف ج ٢ / ٦٢١ سورة الإسراء.
(٣) مجمع الزوائد للهيثمي ج ٧ / ٤٩ ، ط / مكتبة القدس عام ١٣٥٢ ه.
(٤) سورة الحشر : ٦.