وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فإنه (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (١).
ثم قالت : أيها الناس اعلموا أني فاطمة وأبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أقول عودا وبدءا ولا أقول ما أقول غلطا ولا أفعل ما أفعل شططا (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٢).
فإن تعزوه (٣) وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم ، ولنعم المعزّى إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فبلّغ الرسالة ، صادعا بالنذارة (٤) ، مائلا عن مدرجة المشركين ، ضاربا ثبجهم (٥) ، آخذا بأكظامهم (٦) ، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يكسّر الأصنام ، وينكث إلهام ، حتى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، حتى تفرّى (٧) الليل عن صبحه ، وأسفر الحقّ عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق (٨) الشياطين ، وطاح وشيظ (٩) النفاق ، وانحلت عقد الكفر والشقاق ، وفهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص (١٠) ، وكنتم على شفا حفرة من النار ، مذقة الشارب ونهزة (١١) الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام (١٢) ، تشربون الطرق (١٣) وتقتاتون القدّ ، أذلّة خاسئين ، تخافون أن
__________________
(١) سورة فاطر : ٢٨.
(٢) سورة التوبة : ١٢٨.
(٣) تعزوه : تسندوه.
(٤) الصدع : الإظهار ، والنذارة بالكسر : الإنذار وهو الإعلام على وجه التخويف.
(٥) الثبج : وسط الشيء ومعظمه.
(٦) الكظم بالتحريك : مخرج النفس من الحلق.
(٧) تفرّى : انشق حتى ظهر وجه الصباح.
(٨) شقاشق جمع شقشقة بالكسر وهي : شيء كالرئة يخرجها البعير من فيه إذا هاج.
(٩) طاح : هلك ، والوشيظ السفلة والرذل من الناس.
(١٠) الخماص : نقي البطن عن الحرام.
(١١) نهزة الطامع : الفرصة أي محل نهزته.
(١٢) قبسة العجلان : مثل في الاستعجال. وموطئ الأقدام : مثل مشهور في المغلوبية والمذلة.
(١٣) الطرق : بالفتح ماء السماء الذي تبول فيه الإبل وتبعر. وبهم الرجال : شجعانهم.