يتخطفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد اللتيا والّتي ، وبعد أن مني ببهم الرجال ، وذؤبان العرب ، ومردة أهل الكتاب (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) (١) ، أو نجم قرن (٢) للشيطان وفغرت فاغرة (٣) من المشركين ، قذف أخاه في لهواتها (٤) ، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها (٥) بأخمصه ، ويخمد لهبها بسيفه ، مكدود في ذات الله ، مجتهدا في أمر الله ، قريبا من رسول الله ، سيّد أولياء الله ، مشمّرا ناصحا ، مجدّا كادحا ، وأنتم في رفاهية من العيش ، وادعون فاكهون آمنون ، تتربصون بنا الدوائر ، وتتوكفون (٦) الأخبار ، وتنكصون عند النزال ، وتفرّون عند القتال.
فلما اختار الله لنبيّه دار أنبيائه ، ومأوى أصفيائه ، ظهر فيكم حسيكة (٧) النفاق ، وسمل (٨) جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلين ، وهدر فينق (٩) المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفا بكم ، فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرّة فيه ملاحظين ، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا ، وأحمشكم (١٠) فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، والرسول لمّا يقبر ،
__________________
(١) سورة المائدة : ٦٤.
(٢) نجم بالفتح : ظهر ، وقرن الشيطان : أمته وتابعوه.
(٣) فغرفاه : أي فتحه ، والفاغرة : جماعة أو طائفة.
(٤) لهوات : جمع لهات : وهي اللحمة في أقصى الفم.
(٥) الصّماخ : خرق الأذن وقيل هو الأذن نفسها ، والأخمص : ما دخل من باطن القدم فلم يصب الأرض.
(٦) تتوكفون : تتوقعون أخبار المصائب والفتن النازلة بنا.
(٧) حسيكة : العداوة.
(٨) سمل : صار خلقا.
(٩) الهدير : ترديد البعير صوته في حنجرته ، والفينق المكرم من الإبل لا يركب ولا يهان.
(١٠) أحمشكم : حملكم على الغضب.