ابتدارا زعمتم خوف الفتنة (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (١).
فهيهات منكم! وكيف بكم؟! وأنى تؤفكون ، وكتاب الله بين أظهركم؟ أموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة ، وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، وقد خلفتموه وراء ظهوركم ، أرغبة عنه تريدون؟ أم بغيره تحكمون؟! (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢).
ثم لم تلبثوا إلّا ريث أن تسكن نفرتها ويسلس قيادها ، ثم أخذتم تورون وقدتها ، وتهيجون جمرتها ، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي ، وإطفاء أنوار الدين الجلي ، وإهمال سنن النبيّ الصفي ، تسرّون حسوا في ارتغاء ، وتمشون لأهله وولده في الخمر والضراء ، ونصبر منكم على مثل حزّ المدى ، ووخز السنان في الحشا وأنتم تزعمون الآن أن لا إرث لنا (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٣) ، بلى تجلّى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته ، أيها المسلمون أأغلب على إرثي؟!
يا ابن أبي قحافة! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟! لقد جئت شيئا فريّا ، أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) (٤) وقال فيما اقتصّ من خبر يحيى بن زكريا عليهالسلام (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (٥).
وقال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٦).
__________________
(١) سورة التوبة : ٤٩.
(٢) آل عمران : ٨٥.
(٣) سورة المائدة : ٥٠.
(٤) سورة النمل : ١٦.
(٥) سورة مريم : ٥ ـ ٦.
(٦) سورة الأنفال : ٧٥.