وقال : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (١).
وقال : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (٢).
وزعمتم أن لا حظوة لي! ولا إرث من أبي! ولا رحم بيننا! أفخصكم الله بآية أخرج منها أبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! أم هل تقولون : إن أهل ملتين لا يتوارثان ، أولست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة ، أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟!
فدونكها مخطومة مرحولة ، تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمّد ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون ، (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) (٣). (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٤). ثم رمت بطرفها نحو الأنصار ، فقالت :
يا معشر النقيبة ، وأعضاد الملّة ، وحضنة الإسلام! ما هذه الغميزة في حقي ، والسنة عن ظلامتي؟! أما كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبي يقول : «المرء يحفظ في ولده» ، سرعان ما أحدثتم ، وعجلان ذا إهالة ، ولكم طاقة بما أحاول ، وقوة على ما أطلب وأزاول ، أتقولون مات محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فخطب جليل استوسع وهنه ، واستنهر فتقه وانفتق رتقه ، وأظلمت الأرض لغيبته ، وكسفت النجوم لمصيبته ، وأكدت الآمال ، وخشعت الجبال ، وأضيع الحريم ، وأزيلت الرحمة عند مماته ، فتلك والله النازلة الكبرى ، والمصيبة العظمى ، لا مثلها نازلة ، ولا بائقة عاجلة ، أعلن بها كتاب الله جل ثناؤه في أفنيتكم وفي ممساكم ومصبحكم ، هتافا وصراخا وتلاوة وألحانا ، ولقبله ما حلّ بأنبياء الله ورسله ، حكم فصل ، وقضاء حتم.
__________________
(١) سورة النساء : ١١.
(٢) سورة البقرة : ١٨٠.
(٣) سورة الأنعام : ٦٧.
(٤) سورة الزمر : ٣٩ ـ ٤٠.