حاشاها روحي فداها ـ وقد دفعه المولى عزّ اسمه عنها. مضافا إلى أن صدور ذلك منها يعدّ اعتراضا على أمير المؤمنين الذي يدور الحق معه حيثما دار ، وهي على علم بذلك كلّه.
ثانيا : الدعاء على نفسها بالويل والثبور ، ولا نتصوّر أن مؤمنا يدعو على نفسه بالويل الذي لا يعرف مداه إلّا الله تعالى ، فإذا لم يعقل هذا بحق المؤمن فكيف بمن هي سيّدة المؤمنين والتي طهّرها الله في محكم التنزيل؟!
ثالثا : اتهام أمير المؤمنين لزوجه الصدّيقة بأنها أرادت البلغة من فدك لتحصيل الرزق ووعظه لها بأن رزقها مضمون وما اعدّ لها خير وأفضل مما قطع عنها ، وكل ذلك مخالف لمسلكها في الزهد والتقى ، وخلافا لسيرتها الطاهرة في إيثار الفقراء على نفسها حتى نزلت فيها آيات ، مضافا إلى مخالفة ما ذكر لمبدإ العصمة الذي حباها المولى عزّ اسمه به ، من خلال هذه القرائن نطمئن إلى عدم صحة صدورها من الصدّيقة الطاهرة عليهاالسلام لمخالفتها لصريح الكتاب الكريم القائل بطهارتها وقداستها ، ونحن مأمورون من قبل أئمتنا عليهمالسلام بعرض أخبارهم على كتاب الله فإن كان موافقا له نأخذ به وإلّا فلا ـ حسبما تقتضيه قواعد الترجيح في أصول الفقه وعلم الكلام. نعم يمكن أن نأخذ بهذه الفقرة إذا أمكن تأويلها بما يتناسب وأصول عقيدتنا ، بحيث لا تخالف ما ذكرنا آنفا ، وعليه فيمكننا القول إن الفقرة المذكورة خطاب من الصدّيقة الطاهرة لأمير المؤمنين عليهماالسلام والمقصود غيره من تلك الأمة النائمة والخانعة التي حنثت بعهدها إلى أمير المؤمنين عليّ في غدير خم وأمثالها من المواقع التي أخذ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها الميثاق على هذه الأمة بنصرة وليّ الله الأعظم وزوجه الصدّيقة فاطمة صاحبة الدلالات والآيات الباهرات والحجة على من في الأرض والسماء.
وبعبارة أخرى : لقد أرادت مولاتنا الصدّيقة الشهيدة من خلال تلك العبارات اللاذعة استنهاض تلك الثلة التي اشتملت شملة الجنين فسمعت الحقّ وتغافلت عن نصرته ، كما أرادت ـ فديتها بنفسي ـ فديتها بنفسي ـ أن تشعل فيهم ثورة الغضب على الباطل ،