وأعرابي ، مع أن خزيمة لم يكن حاضرا حال البيع ، ولكنه شهد على صدق النبيّ من حيث كونه نبيا مرسلا ومعصوما مسددا ، فجعل النبيّ شهادته بمثابة شهادتين ، فسمي خزيمة بذي الشهادتين ، وهذه قصة مشهورة مشابهة لقضية مولاتنا الزهراء عليهاالسلام ، فإذا كانت شهادة خزيمة بمثابة شهادتين من حيث علمه أن النبيّ لا يقول إلّا حقا لمكان عصمته وطهارته ولم يدفعه عن الشهادة من حيث لم يحضر ابتياعه ، كذا شهادة مولاتنا الزهراء بطريق أولى ، حيث كان يجب على من علم أن السيّدة فاطمة لا تقول إلّا حقا ، ألّا يستظهر عليها بطلب شهادة أو بيّنة.
سادسا : كيف يجوز أن يكون الخبر المزعوم صحيحا وأزواج النبيّ لا يعلمن ذلك ، حتى وكّلوا عثمان بن عفان في المطالبة بحقوقهنّ (١) ، ولا يعرف العبّاس ـ حسبما جاء في بعض النصوص ـ حتى تنازع مع أمير المؤمنين عليهالسلام في الميراث ، وكل ذلك يدل على بطلان الخبر.
ومن كان له شيطان يعتريه ـ كما صرّح هو بذلك ورواه عامة المؤرّخين ـ فإن استقام أعانوه وإن زاغ قوّموه ، كيف يؤمن عليه من تلفيق الأحاديث على رسول الله القائل بما معناه : كثر عليّ الكذّابون ، ألا فمن كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار.
وفي الختام أقول : إن مولاتنا الصدّيقة الطاهرة فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم تسلم من بعض صحابة أبيها ، فلاقت منهم الظلم والاستبداد ، وما يؤسفنا أن إتباع السلف نمّقوا لهؤلاء الصحابة أفعالهم ، بحجة أنّ الصحابة لا يخطأون ، وكأن الصحبة ملازمة للعصمة ، فسبحان الذي وهب العقول ، ولكنّ أصحابها لا يعقلون!!
فعلى الأتباع سلوك طريق الحق المتمثّل بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام الذي قال عنه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنت مني وأنا منك» (٢) ، ولا يكون كمن
__________________
(١) شرح النهج ج ١٦ / ٣٥٣.
(٢) رواه البخاري ، باب فضائل الإمام علي عليهالسلام.