أخوه ، فلم تزل في أيديهم حتى وليّ المأمون ، فردّها على الفاطميين (١).
قال أبو بكر الجوهري : حدّثني محمّد بن زكريا قال : حدّثني مهدي بن سابق ، قال : جلس المأمون للمظالم ، فأول رقعة وقعت في يده نظر فيها وبكى ، وقال للذي على رأسه : ناد أين وكيل فاطمة؟ فقام شيخ عليه درّاعة وعمامة وخفّ ثغري ، فتقدم فجعل يناظره في فدك والمأمون يحتج عليه وهو يحتج على المأمون ، ثم أمر أن يسجّل لهم بها ، فكتب السجلّ وقرئ عليه فأنفذه ، فقام دعبل إلى المأمون فأنشده الأبيات التي أولها :
أصبح وجه الزمان قد ضحكا |
|
بردّ مأمون هاشم فدكا |
فلم تزل في أيديهم حتى كان في أيام المتوكل ، فأقطعها عبد الله بن عمر البازيار ، وكان فيها إحدى عشرة نخلة غرسها رسول الله بيده ، فكان بنو فاطمة يأخذون ثمرها ، فإذا قدم الحجّاج أهدوا لهم من ذلك التمر فيصلونهم ، فيصير إليهم من ذلك مال جزيل جليل ...» (٢).
خامسا : إن أبا بكر طلب من الصدّيقة الزهراء البيّنة فجاءته بها وقد ردّها ، مع أن البيّنة إنما تراد ليغلب في الظن صدق المدعي ، ألا ترى إنّ العدالة معتبرة في الشهادات لكونها مؤثرة في غلبة الظن ، ولهذا جاز أن يحكم الحاكم بعلمه من غير شهادة ، لأن علمه أقوى من الشهادة ، ولهذا كان الإقرار أقوى من البيّنة من حيث كان أبلغ في تأثير غلبة الظن ، وإذا قدّم الإقرار على الشهادة لقوة الظن عنده فأولى أن يقدّم العلم على الجميع ، وإذا لم يحتج مع الإقرار إلى شهادة لسقوط حكم الضعيف مع القوي ، فلا يحتاج أيضا ـ مع العلم ـ إلى ما يؤثر الظن من البيّنات والشهادات.
ويدل على صحة ذلك ما شهده خزيمة بن ثابت على بيع جرى بين رسول الله
__________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١٦ / ٣٤٩ و ٣٩٠.
(٢) شرح النهج ج ١٦ / ٣٤٩.