والجواب :
١ ـ إن الشّيخين أجادا استعمال لعبة شد الحبل ، فواحد يشد ويقسو وآخر يلين ويتراخى ، وهذه لعبة الساسة الذين يمررون مشاريعهم تحت عناوين لا تمت إلى الواقع بصلة ، فيكذبون ويماكرون في سبيل تحقيق مشتهياتهم الرخيصة.
٢ ـ إن أسلوب اللين والرقة ـ لو صحت نسبة ذلك إلى أبي بكر ـ ليس دليلا على براءته من الظلم وسلامته من الجور ، وقد يبلغ من مكر الظالم ودهاء الماكر ـ إذا كان أريبا وللخصومة معتادا ـ أن يقلب الحقائق على المظلوم أمام الناس ، فيظنون أن الظالم بريء ، والمظلوم أو المنتصف ظالما ، وهذا نوع مكر ودهاء لا رقة وحنان!.
٣ ـ لينه ورقته ـ بحسب ما أفادت هذه الدعوى ـ يتعارض مع خشونته لها بالقول بعد إيرادها الخطبة حسبما ذكره النقيب أبو يحيى بن أبي زيد البصري وقد تقدمت مقالته آنفا ، مضافا لخشونته عليها بسياطه التي هوت على جسدها الطاهر من قبل عمر وخالد وبعض جلاوزته ، وفي هذه الحال لا يبقى مجال لدعوى اللين والرّقة بالقياس إلى شناعة ما صدر منه اتجاهها فديتها بنفسي.
الشبهة الرابعة :
لو كانا ـ أي أبو بكر وعمر ـ ظلماها فلم أمسك الصحابة عن خلعهما والخروج عليهما ـ وهم الذين وثبوا على عثمان في أيسر من جحد التنزيل وردّ النصوص ولو كانا ـ كما يقولون وما يصفون ـ ما كان سبيل الأمة فيهما إلا كسبيلها فيه ، وحيث لم يثبوا عليهما دل ذلك على صلاحهما؟
والجواب :
إن إمساك الصحابة عن خلعهما مع ما ارتكبا من جحد التأويل ورد النصوص ليس مفاده صحة أفعالهما ، بل لأنّ بعضهم لم يعرف حقائق الحجج ، بل أكثرهم