وصفه الله بأنه (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) (١) ، وأن كلامه ليس إلا وحيا يوحى ، وكثر اختلافهم وارتفعت أصواتهم ، فتسأمّ الرسول منهم وتضجّر. وها نحن نورد بعض الشواهد على هذا الطعن هي :
١ ـ ما رواه البخاري كشاهد على حديث الهجر بعدة طرق في أماكن متفرقة من كتابه ، عن سعيد بن جبير سمع ابن عباس يقول :
يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى بلّ دمعه الحصى ، قلت : يا ابن عبّاس ما يوم الخميس؟
قال : اشتدّ برسول الله وجعه فقال : «ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا» فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : ما له؟ أهجر؟ استفهموه ، فقال : ذروني ، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ، فأمرهم بثلاث قال : اخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، والثالثة إما أن سكت عنها ، وإما أن قالها فنسيتها (٢) ، قال سفيان : هذا من قول سليمان.
٢ ـ عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبّاس ، قال :
لمّا اشتدّ بالنبيّ وجعه قال : «ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده» قال عمر : إن النبيّ غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا ، فاختلفوا أو كثر اللغط ، قال النبيّ : قوموا عني ، لا ينبغي عندي التنازع ؛ فخرج ابن عبّاس يقول : إن الرّزيئة كلّ الرّزيئة ما حال بين رسول الله وبين كتابه (٣).
٣ ـ وعن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال :
__________________
(١) سورة النجم : ٣.
(٢) صحيح البخاري مجلد ٣ / ٣٩٩ ح ٣١٦٨ ، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب ، والثالثة التي نسيها الراوي هي أمر النبيّ بحفظ أهل بيته عليهمالسلام ونصرتهم. ورواه في باب جوائز الوفد حديث رقم ٣٠٥٣.
(٣) صحيح البخاري ج ١ / ٤٥ ح ١١٤ ، باب كتابة العلم.