الحديبية في الخلاف وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش. فأما إذا أمر بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم ، قال : وأكثر العلماء على أنه يجوز عليه الخطأ فيما لم ينزل عليه ، وقد أجمعوا كلّهم على أنه لا يقر عليه ، قال : ومعلوم أنّه وإن كان الله تعالى قد رفع درجته فوق الخلق كلهم فلم ينزّهه عن سمات الحدث والعوارض البشرية ، وقد سها في الصلاة فلا ينكر أن يظنّ به حدوث بعض هذه الأمور في مرضه فيتوقف في مثل هذا الحال حتى تتبيّن حقيقته ، فلهذه المعاني وشبهها راجعه عمر» (١).
يرد على النّووي ما يلي :
أولا : نسب إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قد سحر حتى صار يخيّل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ، معنى هذا أن السحر يؤثر في ذات الرسول محمّد الذي جعله الله رحمة للعالمين وحجة على الخلائق أجمعين.
وفحوى كلامه أنّ أمر الرسول لهم بإتيان الدواة والكتف كان نتيجة خيال كالسحر حيث يخيل إلى المسحور بعض الأمور التي لا واقع لها.
وقد روى مفسرو العامة أن رجلا يهوديا سحر النبيّ فأتاه جبريل بالمعوذتين وقال له : إنّ رجلا من اليهود سحرك ، والسحر في بئر فلان فأرسل الإمام عليا عليهالسلام فجاء به فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية فجعل يقرأ ويحل حتى قام النبيّ كأنما نشط من عقال (٢).
فحاصل المرويات عندهم : أن الرسول أصيب بسحر بعض اليهود ، ومرض على أثر ذلك ، ثم أخبره جبرائيل أن آلة السحر موجودة في بئر ، فأرسل من يخرجها ، ثم تلا سورة الفلق فتحسنت صحته.
__________________
(١) شرح النووي على صحيح مسلم ج ١١ / ٧٧.
(٢) تفسير الدر المنثور للسيوطي ج ٦ / ٧١٦ سورة الفلق.