والجواب :
١ ـ إن كلام عمر يعتبر ردا عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يستلزم الإنكار والكفر ، لأن الراد عليه راد على الله تعالى واستخفاف به.
هذا مضافا إلى أن مقدار الآيات التي يستنبط منها الأحكام يتراوح ما بين الخمسمائة آية إلى السبعمائة ، وليست كلها في الظاهر مدركا لكثير من الأحكام ، وليس دلالتها على وجه يقدر على استنباط الحكم منها كل أحد ، ولا يقع في فهمه اختلاف بين الناس حتى ينسدّ باب الضلال.
ومن راجع كلام المفسرين علم أنه ليس آية إلّا وقد اختلفوا في فهمها واستخراج الأحكام منها على أقوال متضادة ووجوه مختلفة ، والكتاب يشتمل على ناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه ، وظاهر ومأوّل ، وعام وخاص ، ومطلق ومقيّد وغير ذلك مما لا يصيب في فهمه إلّا الراسخون في العلم المعصومون من الزيغ والضلال ، ومن ذلك يعلم أن غرض النبيّ من طلب الكتاب لم يكن إلا لتعيين الأوصياء إلى يوم القيامة ، لأنه إذا كان كتاب الله عزوجل بطوله وتفصيله لم يرفع الاختلاف بين الأمة فكيف يتصور في مثل هذا الوقت منه إملاء كتاب يشتمل على أسطر قلائل يرفع الاختلاف في جميع الأمور عن الأمة ، إلّا بأن يعيّن في كل عصر من يرجعون إليه عند الاختلاف ، ويرشدهم إلى جميع مصالح الدين والدنيا ، ويفسّر القرآن المجيد على وجهه الصحيح بحيث لا يقع منهم اختلاف فيه ، ويشهد لما ذكرنا قول أمير المؤمنين عليهالسلام :
«هذا كتاب الله الصامت ، وأنا كتاب الله الناطق» (١).
٢ ـ إن اعتماد ابن الخطّاب بقوله «حسبنا كتاب الله» على كتاب الله دون أقوال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تماما كقول المريض : لا حاجة لنا إلى الطبيب لوجود كتب
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ١٨ / ٢٠ ح ١٢.