يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (١) ، ولو أني أعلم إني إذا زدت على السبعين غفر له لزدت. ثم صلّى رسول الله عليه ومشى معه ، وقام على قبره.
فعجب الناس من جراءة عمر على رسول الله ، فلم يلبث الناس إلا أن نزل قوله تعالى : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) (٢) ، فلم يصلّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعدها على أحد من المنافقين (٣). وفي رواية البخاري : قال عمر : أتصلّي عليه وهو منافق وقد نهاك الله أن تستغفر لهم.
الثانية :
روى أبو هريرة ، قال : كنّا قعودا حول رسول الله في نفر ، فقام من بين أظهرنا ، فأبطأ علينا ، وخشينا أن يقطع دوننا فقمنا ـ وكنت أول من فزع ـ فخرجت أبتغيه حتى أتيت حائطا للأنصار لقوم من بني النّجار ، فلم أجد له بابا إلّا ربيعا ، فدخلت في جوف الحائط ـ والربيع الجدول ـ فدخلت منه بعد أن احتفرته ، فإذا رسول الله ، فقال : أبو هريرة؟ قلت : نعم ، قال : ما شأنك؟ قلت : كنت بين أظهرنا ، فقمت فأبطأت عنّا ، فخشينا أن تقتطع دوننا ، ففزعنا ـ وكنت أول من فزع ـ فأتيت هذا الحائط فاحتفرته كما يحتفر الثعلب ، والناس من ورائي.
فقال : يا أبا هريرة ، اذهب بنعليّ هاتين ، فمن لقيته وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه ، فبشّره بالجنّة ، فخرجت ، فكان أول من لقيت عمر ، فقال : ما هذان النعلان؟ قلت : نعلا رسول الله بعثني بهما وقال : من لقيته يشهد أن لا إله إلّا الله ، مستيقنا بها قلبه فبشّره بالجنة.
فضرب عمر في صدري فخررت لاستي ، وقال : ارجع إلى رسول الله ،
__________________
(١) سورة التوبة : ٨٠.
(٢) سورة التوبة : ٨٤.
(٣) شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١٢ / ٢٢٩ فصل سيرة عمر بن الخطاب ، وصحيح البخاري ج ٥ / ٢٥٠ ـ ٢٥١ ح ٤٦٧٠ و ٤٦٧١ و ٤٦٧٢ وفيه قال النبيّ : «أخّر عني يا عمر».