هذا الصدد : «وهذا النسخ ، لا عهد بمثله في الشريعة البتة ، ولا يقع مثله فيها» (١).
هذا مضافا إلى ما ذكرنا ، كيف تصح واحدة من تلك الروايات مع ما تواتر نقله عن عمر بن الخطّاب نفسه حيث قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما : متعة النساء ومتعة الحج ، فأما أن يعتقد العامة بهذه الرواية وأمثالها ويتركوا تلك الروايات المضطربة التي نسبت إلى رسول الله النسخ المتكرر ، وإما أن يكذّبوا بقية الصحابة الأجلّاء أمثال ابن عبّاس وجابر بن عبد الله والذين قالوا بحليتها وعدم نسخها وأنهم تمتعوا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصف من خلافة عمر ، هذا بالغض عن أن أمير المؤمنين عليا عليهالسلام على رأس القائلين بعدم نسخها ، فهل يكذّب الإمام عليّ وجلة الصحابة حتى تلمّع صورة عمر بن الخطّاب؟!
كيف تصح واحدة من تلك الأحاديث ولم يسمع بها الخليفة عمر ولا أحد من الصحابة ولا التابعين حتى عصر ابن الزبير ، ولا كان عند أحد من المسلمين علم بإحدى تلك الروايات في كل تلك العصور وإلّا لأسعفوا بها عمر فاستشهد بها ، وأسعفوا بها عصبة الخلافة حتى عهد ابن الزبير فاستشهدوا بها ، في حين أن المعارضين أمثال ابن عبّاس وجابر وابن مسعود وغيرهم كانوا يجبونهم بسنّة الرسول ، ويستشهد بعضهم الآخر على ذلك فيسألون أسماء أم ابن الزبير ، ويقول الإمام عليّ وابن عبّاس لو لا نهي عمر لما زنى إلّا شقي ، وفي كل تلك الموارد لم يقل أحد بأن الرسول نهى عن متعة النساء.
أجل ، إن تلكم الأحاديث وضعت احتسابا للخير وتأييدا لموقف عمر بن الخطاب ودفعا للقالة عنه ، كما وضعت أحاديث الأمر بإفراد الحج والنهي عن العمرة احتسابا للخير ودفعا للقالة عنه.
عرفنا مما تقدم عدم صحة تلك الروايات الدالة على النسخ وسوف يأتي مزيد
__________________
(١) زاد المعاد ج ٢ / ٢٠٤.