منها ، فالعيب ليس في حكم المتعة وإنما في بعض الأفراد الذين أساءوا الاستفادة منها ، وإذا تنصّل الزوج من ولده بالمتعة ، فليس معناه أن النقص فيها ، وإنما في متعلقها أعني الزوج المنكر لولده من المتعة.
وهل حصل خلل في متعة الحج حتى حرّمها عمر قياسا على الخلل الحاصل بنظره في متعة النساء؟! وما هذه الفطانة التي كان يتحلّى بها عمر دون بقية أكابر الصحابة لا سيّما أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام؟!
إنّ مقتضى ما دلت عليه النصوص الواردة عن عمر أنه حرّمها لما بلغه أن نساء تمتعنّ فحبلن ، لكنّ الحقيقة غير ما تظاهر به عمر ، لأن واقعه وباطنه هو عدم الاعتقاد بالمتعة كحكم تشريعي هبط به الوحي على قلب خاتم الرسل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من هنا أراد أن يقلب الموازين الشرعية بتغيير الحلال إلى حرام ليرجع الناس عن دين الله تعالى ، وإلّا لم منع من تدوين الأحاديث الصادرة عن النبيّ بل هدّد بالنفي والضرب كل من أراد بثها ونشرها (١) بين المسلمين!!
فقد ورد في صحيح مسلم وغيره من كتب القوم ، واللفظ لمسلم عن جابر بن عبد الله قال : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام ، على عهد رسول الله وأبي بكر ، حتى نهى عنه عمر ، في شأن عمرو بن حريث.
وفي لفظ المصنّف لعبد الرزاق عن عطاء عن جابر :
استمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر ، حتى إذا كان في آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة ـ سمّاها جابر فنسيتها ـ فحملت المرأة فبلغ ذلك عمر فدعاها فسألها ، فقالت : نعم ، قال : من أشهد؟ قال عطاء : لا أدري ، قالت : أمي ، أم وليّها ، قال : فهلّا غيّرهما ، قال : خشي أن يكون دغلا (٢).
وفي رواية أخرى قال جابر : قدم عمرو بن حريث من الكوفة فاستمتع بمولاة
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٣ / ٤٧٣ حوادث عام ٢٣.
(٢) المصنف لعبد الرزاق ج ٧ / ٤٩٦ باب المتعة.