اشتهر بالجرأة في الرأي والاستقلال في شئون السياسة والدين ، فرأى أن سنن الزواج قد تأخرت بغير اختيار وتدبير فإن الطالب كان يستوفي علومه قبل مائة سنة أو مائتي سنة في نحو الثامنة عشرة أو العشرين ، فيتأهب للزواج في سن الرجولة الناضجة ، ولا يطول به عهد الانتظار إلا إذ أثر الانقطاع للعلم مدى الحياة ، وقلّ من يؤثر ذلك بين المئات والألوف من الشبان ، أما في العصر الحاضر فالطلاب يتخصصون لعلومهم وصناعاتهم بعد الثامنة عشرة أو العشرين ، ويحتاجون بعد التخرج من الجامعات إلى زمن يستعدون فيه لكسب الرزق من طريق التجارة أو الأعمال الصناعية والاقتصادية ، ولا يتسنى لهم الزواج وتأسيس البيوت قبل الثلاثين ، فهناك فترة طويلة يقضيها الشاب بين سنّ البلوغ وبين سنّ الزواج لم يحسب لها حسابها في التربية القديمة.
وهذه الفترة هي فترة النمو الجنسي ، والرغبة الجامحة ، وصعوبة المقاومة للمغريات ، فهل من المستطاع أن يسقط حساب هذه الفترة من نظام المجتمع الإنساني ، كما أسقطها الأقدمون وأبناء القرون الوسطى؟ كلا إن ذلك غير مستطاع ، وأننا إذا أسقطناها من الحساب فنتيجة ذلك شيوع الفساد والعبث بالنسل بين الشبان والشابات ، فلا بد أن تسمح القوانين في هذه السن بضرب من الزواج بين الشبان والشابات ، لا يثقلهم بتكاليف الأسرة ، ولا يتركهم لعبث الشهوات والموبقات وما يعقبه من العلل والمحرجات» (١).
وقد أراد «راسل» أن يكون هذا الزواج عاصما من الابتذال ومدربا على المعيشة المزدوجة قبل السن التي تسمح بتأسيس البيوت ، وهذا الذي تبناه «راسل» ما هو إلا زواج المتعة ، ولعلّه قرأه في كتب التشريع الإسلامي الشيعي فتأثر به وتبناه ، أو يكون مجرد التقاء في وجهة النظر ولدته وحدة الشعور بالحاجة إلى تشريع مثله ، وهي قائمة في كل مكان وزمان.
__________________
(١) المتعة للفكيكي ص ٢٦٤ نقلا عن زواج بغير أطفال (Childless Marriage (.