فاز الإمام وفاز من تمسك به في حياته وبعد شهادته ، فهو وإن لم يكن معنا بجسده ، لكنّه معنا بكلماته ووصاياه ونهجه ، ليبقى الإمام علي عندنا مصدر وعي وجهاد وتقوى ، ولنلتزم الإمام عليا فكرا وروحا وقدوة ، ولنكن صورة مصغّرة عنه ولو بنسبة ضئيلة.
وأخيرا فيا أيها الدنيا ويا أيها الناس ، ويا أيها التاريخ ، عليّ أمير المؤمنين هو عليّ ، سواء أعرفتموه أم جهلتموه ، هو شهيد المحراب وأبو الشهداء وعظيمهم وقائد الغر المحجلين وحبيب الله ورسوله ، ومهما ادلهمّ الخطب ومدّ الظلم سيقانه على الأفراد والمجتمعات ، فإن حقه عليهالسلام لن يضيع ، وسيبقى من ينصره ، وسيأتي اليوم الذي يظهر فيه حقه ساطعا لا تزاحمه ظلمة ، فإذا ظلمه المسلمون فإنّ له أنصارا عظماء ، إن أنصاره هم قادة الإنسانية على رأسهم رسول الله محمد ، كما أن له أنصارا لا يعرفون سوى حقّه ولا يتوجّهون إلّا إلى قبلته ، فهم مستغرقون بفضائله وذكره.
فيا سيّدي يا عليّ! أيّها الحبيب والصّديق والأب العطوف الشفوق ، أيها الطائر الملكوتي ، يا من نظرت إلى الفجر الصادق والأفق النيّر من بطن الكعبة حين فتحت عينيك في أحضانها وغرّدت أنغام الحياة مع نسيم الصبح ، وملأت الدنيا حبا وحنينا وشوقا إلى المعبود المطلق.
سيّدي أيها الغريب يا أخا رسول الله محمّد ويا زوج البتول فاطمة يا أنيس اليتامى والمساكين يا معين الضعفاء ، يا من عاشرت شمس هذه الدنيا ثلاثا وستين عاما ، ثم عرّجت بجناحك المدمى ووجهك الصبيح الخضيب بقلب مطمئن ، عرجت من محراب الشهادة لتخترق الأفق المحمّر بدمك الطاهر الزكي ، وبين فجر شروقك المنير وأفق غروبك القاني تركت العالم حيران بين الشوق والحسرة.