ممن عرفوا اتجاهه ودرسوا في مدرسته أمثال عمار بن ياسر والمقداد وأبي ذر وهاشم المرقال وذي الشهادتين وأمثالهم من عيون المؤمنين الذين كان يعتمد عليهم في إقامة الحق ودحض الباطل وإحياء معالم الدين.
وبعد فقده لهم أصبح غريبا في ذلك المجتمع لا ناصر له ولا معين ، من هنا أخذ يبتهل إلى الله تعالى ويتضرّع إليه أن ينقله إلى جواره ، وهكذا أحب الله الإمام عليا عليهالسلام فاستجاب دعاءه ، فكانت ليلة التاسع عشر من شهر رمضان حيث طلع قرن الشيطان ابن ملجم وضرب الإمام عليا على رأسه الشريف فقدّ جبهته الشريفة التي طالما عفّرها بالخضوع لله بكل ما للخضوع من معنى ، وانتهت الضربة القاسية من اللئيم ابن ملجم إلى دماغ الإمام المقدس الذي ما فكّر إلا في نفع الناس وسعادتهم ورفع الشقاء عنهم ، ولما أحسّ بلذع السيف في رأسه صاح : «فزت ورب الكعبة».
لقد فاز الإمام عليهالسلام وأي فوز أعظم من فوزه؟ فقد جاءته النهاية المحتومة وهو بين يدي الله يذكره ، في أقدس بيت وهو مسجد الكوفة وفي أعظم شهر وهو شهر الله رمضان.
لقد فاز إمام الحق لأنه أرضى ضميره الحيّ ، فلم يوارب ولم يخادع منذ بداية حياته حتى النهاية ، وقد قتل على غير مال احتجبه ، ولا على دنيا أصابها ولا سنّة في الإسلام غيّرها.
لقد فاز الإمام عليهالسلام حيث أفاض عليه الخلود لباس البقاء ليكون مظهرا للعدالة ، وعنوانا للحق ، ومثالا للإنسانية الكاملة التي ارتقت سلّم الكمال حتى بلغت نهايته.
لقد فاز الحق والعدل بفوزه ، فأي فوز أعظم من أن يذكر قرينا للحق والعدل ، وتذكر مباديه المقدّسة أعجوبة لقادة الفكر الإنساني يسيرون على ضوئها في حقل الإصلاح.