طالب عبد مناف عليهالسلام وفاطمة بنت أسد عليهاالسلام ، وهكذا تعدّى الظلم إلى كل ما يمت الإمام عليعليهالسلام بصلة.
لقد ظلمه المتأخرون أيضا حين شكّكوا بإسلامه ، وأنه أسلم وهو صبي ، ولا اعتبار بإسلام الصبي ، وظلموه حينما نفوا عنه فضيلة جهاده مع النبي ، حتى مبيته على الفراش ليست كرامة بنظر أعدائه ، ولا شدة وطأته في الحروب منقبة بنظر حسّاده ، ولو سلّموا بتلك الفضائل فليست دليلا على إمامته بنظر هؤلاء ، فهل هناك أحد من الصحابة ظلم كما ظلم أمير المؤمنين عليّعليهالسلام!!؟
وهو الذي كان يدلّي رأسه في بئر يبثّ همومه فيها لقلة الناصر والمعين ، وهو الذي كان يتمنى وجود حملة لأسراره ، فأيّ ظلم لحق بسيد المؤمنين علي ، وما ذنبه حتى يلحقه هذا الظلم الفظيع؟! كل ذنبه أنه مع الحق والحق معه ، وهو القائل : «ما ترك لي الحق من صديق» فدائما الناس مع الباطل وضد الحق ، وعليّ مع الحق ضد الباطل ، فلا يجاري الناس ولا يسايرهم على حساب الحق وهو القائل : «لأبقرنّ الباطل حتى أخرج الحق من خاصرته».
وهكذا عاش الإمام مظلوما لا تعرف قيمته ، بقي محزون النفس مكلوم القلب ، يتلقّى في كل مرة من زمانه ألوانا مريعة من الرزايا والخطوب ينظر إلى العدل وهو مظلم ، وإلى الخير وهو مضيّع وإلى البغي قد كثر ، وإلى الجور قد طغى ، ويرى الباطل قد استحكم وأصبح جيشه متمردا عليه يأمره فلا يطيع ويدعوه فلا يستجيب ، فقد خلد إلى الراحة ، وسئم التعب وكره الجهاد في سبيل الله ، وتركت هذه الكوارث أسى مريرا في نفسه فكان يتمنى الرحيل عن الدنيا ليستريح من مشاكلها وشرورها ، وقد انطلق يدعو الله ليعجّل انتقاله إليه بقوله قائلا : «أما والله لوددت أن الله أخرجني من أظهركم وقبضني إلى رحمته منكم».
وقد زاد في أسى الإمام وأحزانه فقده للبقية الصالحة من صحابة الرسول