وبذلك زحزحوا عن الصدّيقة الطاهرة فدكا ، وبذلك منع أبو بكر عائشة وبقية أزواج النبيّ لما جئن إليه يطلبن ثمنهنّ ، وإن كان الخليفة عدل عن ذلك الرأي لما انكشف له من عدم صحة الرواية؟ فإن ورثة ابنة رسول الله كانت أولى بالإذن فإنها هي المالكة إذن ، وأما عائشة فلها التسع من الثمن ، فإن رسول الله توفّي عن تسع ، فكان الذي يلحقه عائشة من الحجرة الشريفة التسع من الثمن ، وما عسى أن يكون من ذلك لها إلّا شبرا أو دون شبرين ، وذلك لا يسع دفن جثمان الخليفة ، وهب أنه كان يضم إلى ذلك نصيب ابنته حفصة فإن الجميع يقصر عن ذلك المضطجع ، فالتصرف في تلك الحجرة الشريفة من دون رخصة من يملكها من العترة النبوية الطاهرة وأمهات المؤمنين لا يلائم ميزان الشرع المقدس.
ربما يقرأ القارئ في المقام ما جاء به ابن بطّال من قوله : إنما استأذنها عمر لأن الموضع كان بيتها وكان لها فيه حق ، فيحسب هناك حقا لأم المؤمنين يستدعي ذلك الاستيذان ويصححه ، وإن هو إلا حقّ السكنى ، ومجرد إضافة البيت إلى عائشة لا يوجبان الملك.
قال ابن حجر في فتح الباري ج ٧ / ٥٣ : استدلّ به وباستيذان عمر لها على ذلك على أنها كانت تملك البيت ، وفيه نظر بل الواقع أنها كان تملك منفعته بالسكنى فيه والإسكان ولا يورث عنها ، وحكم أزواج النبي كالمعتدات لأنهنّ لا يتزوّجن بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقال في موضع آخر : ويؤيده ـ يعني عدم الملك ـ أنّ ورثتهنّ لم يرثن عنهن منازلهنّ ، ولو كانت البيوت ملكا لهنّ لانتقلت إلى ورثتهنّ وفي ترك ورثتهنّ حقوقهم دلالة على ذلك ، ولهذا زيدت بيوتهن في المسجد النبوي بعد موتهن لعموم نفعه للمسلمين كما فعل فيما كان يصرف لهنّ من النفقات.
وقال العيني في عمدة القاري ج ٧ / ١٣٢ في حديث عائشة [لما ثقل رسول الله استأذن أزواجه أن يمرّض في بيتي] : أسندت البيت إلى نفسها ، ووجه ذلك أنّ