إلّا درهم. ولذلك يقولون : «إنمّا النحاة ، المدققون البصريون» ويريدون نفي التدقيق عن غيرهم ، ومثله قولهم : «إنما السخاء سخاء حاتم» يريدون نفي السخاء عن غيره ، قال الأعشى :
ولست بالأكثر منهم حصى |
|
وإنّما العزة للكاثر |
أراد نفي العزة عمّن ليس بكاثر ، ويدل أيضا على أن الولاية في الآية خاصة بأمير المؤمنينعليهالسلام أنه قال : «وليكم» فخاطب به جميع المؤمنين ودخل فيه النبيّ وغيره ، ثم قال : «ورسوله» فأخرج النبيّ من جملتهم لكونهم مضافين إلى ولايته ، فلما قال : «والذين آمنوا» وجب أيضا أن يكون الذي خوطب بالآية غير الذي جعلت له الولاية وإلّا أدى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه ، وأدى إلى أن يكون كل واحد منهم وليّ نفسه ، وذلك محال (١).
فإذا ثبت أن المراد بها في الآية هو ولاية التصرف ، فيثبت أن أمير المؤمنين هو المخصوص بها وذلك لأمور :
الأول : أن كل من قال : إن معنى الولي في الآية معنى الأولى بالتصرف قال إن الإمام عليّا هو المخصوص به ، ومن خالف في اختصاص الآية يجعلها عامة في المؤمنين وقد تقدم بطلانه.
الثاني : إن الفريقين (الخاصة والعامة) رووا أن الآية نزلت فيه عليهالسلام خاصة.
الثالث : إن الله وصف الذين آمنوا بصفات ليست حاصلة إلّا فيه ، لأنه قال (وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) فبيّن أن المعنى بالآية هو الذي أتى الزكاة في حال الركوع ، وأجمعت الأمة على أنه لم يؤت الزكاة في حال الركوع غير أمير المؤمنين عليهالسلام.
وبما أن الآية واضحة الدلالة في ولاية أمير المؤمنين ، لذا كانت بدرجة من
__________________
(١) تفسير التبيان ج ٣ / ٥٦١ والفوائد البهية ج ٢ / ٢٠٤.