وَالسَّعَةِ) بأبي بكر فقال : إن المراد من أولي الفضل أبو بكر وكنّى عنه بلفظ الجمع ، والواحد إذا كني عنه بلفظ الجمع دلّ على علو شأنه كقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) و (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) فانظر إلى الشخص الذي كنّاه الله سبحانه مع جلاله بصيغة الجمع كيف يكون علو شأنه (١).
فحمل الجمع على التعظيم بأبي بكر ليس بأولى وأوجب من حمله على مولى الثّقلين أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، بل لا يقاس الأوّل بالثاني أبدا.
٣ ـ التعبير بصيغة الجمع عن شخص واحد في القرآن الكريم إمّا أن يكون بسبب أهمية موقع هذا الشخص وعظمة دوره الفعّال فكأنه أمة في رجل ، وإمّا ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه ، ولينبّه على أن سجيّة المؤمنين لا بدّ أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والإحسان وتفقد الفقراء حتى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفراغ منها.
٤ ـ لا يخفى ما في حسن التعبير بلفظ الجمع من اشتماله على التعظيم كما ورد في كثير من آي القرآن ما يدل على تعظيم الذات الإلهية بضمير الجمع.
هذا مع التأكيد على أن كتب الأدب العربي ذخرت بجمل تم التعبير فيها عن المفرد بصيغة الجمع لما يحويه اللفظ من معاني متعددة تضفي عليه سحر البيان وقوة الحجة ، والقرآن الكريم استعمل نفس الأسلوب كما في آية المباهلة ، حيث وردت كلمة «نساءنا» بصيغة الجمع مع أن الروايات التي ذكرت سبب نزولها أكدت أن المراد من هذه الكلمة هي الصدّيقة الطاهرة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين الزهراء فاطمة عليهاالسلام وحدها ، وكذلك في كلمة «أنفسنا» في نفس الآية وهي صيغة جمع ، في حين لم يحضر من الرجال في واقعة المباهلة مع الرسول غير الإمام عليّ عليهالسلام وكذلك ما ورد في سورة آل عمران / ١٧٢ قوله تعالى (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً ..).
__________________
(١) تفسير الرازي ج ٢٣ / ١٨٧ سورة النور : ٢٢.