وبعبارة موجزة :
إن طاعتهم مشروطة بمعرفتهم فإنها من دون معرفتهم تكليف بما لا يطاق ، وإذا كان مشروطة فالآية تدفعه لأنها مطلقة ، كما أننا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم وعاجزون عن الوصول إليه ، لذا فإن المعصوم الذي أمر الله بطاعته ليس بعضا من أبعاض الأمة وإنما أهل الحل والعقد (١).
وفيه :
١ ـ أنّ الإشكال منقلب على المستشكل ، فإن الطاعة مشروطة بالمعرفة مطلقا ، وإنما الفرق أن أهل الحل والعقد يعرف مصداقهم على قوله من عند أنفسنا من غير حاجة إلى بيان من الله ورسوله ، والإمام المعصوم يحتاج معرفته إلى معرّف يعرّفه ، ولا فرق بين الشرط والشرط في منافاته الآية.
وبتعبير آخر :
كما أن طاعة الإمام المعصوم موقوفة على معرفته وعلى قدرة الوصول إليه ، واستفادة الأحكام منه ، فكذلك طاعة أهل الحل والعقد موقوفة على معرفتهم وعلى قدرة الوصول إليهم واستفادة الأحكام منهم ، وكما أننا عاجزون في زماننا هذا عن الوصول إلى جناب الإمامعليهالسلام وعن استفادة الدين والعلم منه ، فكذلك عاجزون عن الوصول إلى أهل الحل والعقد وعن استفادة الاطلاع على آرائهم ، وإن كان عجزنا في الأول مستندا إلى غيبته عليهالسلام وعجّل الله فرجه الشريف ، وفي الثاني إلى كثرتهم وانتشارهم في شرق الأرض وغربها.
هذا مضافا إلى أن توقف طاعة أولي الأمر على معرفتهم واستفادة الأحكام منهم لا يوجب كون وجوبها مشروطا بذلك ، وإنما هي من مقدمات الوجود ، وبالجملة فإن إطاعة أولي الأمر واجب مطلقا ، والواجب المطلق تحصيل مقدماته على عهدة المكلّف ، فيجب تحصيل العلم برأيهم حتى يطيعهم المكلّف ، وعجزنا
__________________
(١) نفس المصدر ج ١٠ / ١٤٤.