مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال : أما بعد ، ألا أيّها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال : «وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي» فقال له حصين : من أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟
قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده وهم آل علي (١).
وفي حديث آخر عن زيد بن أرقم أيضا قال السائل وهو ابن مسروق : من أهل بيته؟ نساؤه؟
قال : لا ، وايم الله! إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها. أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده (٢).
وعليه فإن لفظة «الأهل» عند الإطلاق ، يتبادر منها أهل القربى النسبيين ، ولا تطلق في ألسنة العرب على الأزواج إلّا بضرب من التجوّز.
رابعا : إن دعوى نزولها في نساء النبيّ شرف لم تدعه لنفسها واحدة من النساء ، لا سيّما عائشة صاحبة الجمل حيث كان من المناسب أن تدّعيه لنفسها في أيام عصيبة عليها عند ما جاشت الحرب بينها وبين أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، بل صرحت غير واحدة منهنّ بنزولها في النبي والأولياء الأربعة : عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام.
وفي نصوص قالت أم سلمة : ألست يا رسول الله من أهل البيت؟ قال : أنت
__________________
(١) صحيح مسلم ج ١٥ / ١٤٦ ح ٢٤٠٨.
(٢) صحيح مسلم ج ١٥ / ١٤٧ ح ٣٧ وتفسير روح المعاني ج ١٢ / ٢٠ سورة الأحزاب.