وإنزال الكتب هو إبلاغ تشريعات المولى ودساتيره للناس كافة ليسيروا بها نحو الكمال المطلق ، وليس الهدف من ذلك وصول جماعة دون أخرى ، لذا نرى الخطابات العمومية في القرآن الكريم كغسل الأعضاء للصلاة والصوم إلى غير ذلك هي لكل المكلّفين تعلّل تشريع المولى العام دون اختصاصها بجماعة معينين ، وهذا بخلاف آية التطهير فإنها خصصت إرادة التطهير بجمع خاص تجمعهم كلمة «أهل البيت» وخصهم بالخطاب بقوله (عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) أي لا غيركم.
٢ ـ أن أداة الحصر في الآية (إنّما) تفيد حصر التطهير بجماعة خاصة ، ولو كانت الإرادة في الآية تشريعية لما كان للحصر أي معنى ، لأن الإرادة التشريعية غير محصورة بأناس مخصوصين ، فحصرها في الآية بجماعة خاصة خلاف الحكمة من التشريع ، وخلاف الحصر أيضا ، إذ من الواضح أن الغاية من تشريع الأحكام إذهاب الرجس عن جميع المكلفين لا عن خصوص أهل البيت ، كما لا خصوصية لأهل البيت في تشريع الأحكام لهم ، وليست لهم أحكام مستقلة عن أحكام بقية المكلفين ، والغاية من تشريع الأحكام إذهاب الرجس عن الجميع ، لا عن خصوص أهل البيت.
هذا مضافا إلى وجود تضارب في الآية لو قلنا بأن الإرادة فيها تشريعية وذلك كأنه يقول هكذا :
إني أردت تشريعا إذهاب الرجس عن كل الناس ، وأريد هنا في آية التطهير إذهابه عن بعض الناس.
ففي الوقت الذي يريد من كل الناس إذهاب الرجس عنهم ، هو في نفس الوقت يريد إذهابه عن بعضهم ، وهذا عين التضارب والتهافت يتنزّه عنه الحكيم المتعال جلّ وعلا.
٣ ـ إن حمل الإرادة على التشريعية يتنافى مع اهتمام النبيّ الأكرم بأهل البيت وتطبيق الآية عليهم بالخصوص كما مر بالروايات سابقا.