الحجة نزل إليه جبرائيل الأمين عن الله تعالى بقوله (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ..).
وأمره أن يقيم الإمام عليّا علما للناس ، ويبلّغهم ما نزل فيه من الولاية ، وفرض طاعته عليهالسلام على كل أحد ، وكان أوائل القوم قريبا من الجحفة ، فأمر رسول الله أن يردّ من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان ، ونهى عن سمرات خمس متقاربات دومات عظام أن لا ينزل تحتهن أحد ، حتى إذا أخذ القوم منازلهم ، فقم ما تحتهن حتى إذا نودي بالصلاة للظهر عمد إليهن فصلى بالناس تحتهن ، وكان يوما هاجرا يضع الرجل بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء ، وظلل لرسول الله بثوب على شجرة من الشمس ، فلما انصرف صلىاللهعليهوآلهوسلم من صلاته ، قام خطيبا وسط القوم على أقتاب الإبل وأسمع الجميع رافعا عقيرته فقال :
«الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ، ونتوكل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن ضلّ ، ولا مضلّ لمن هدى ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمّدا عبده ورسوله ، أما بعد :
أيّها الناس قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبيّ إلا مثل نصف عمر الذي قبله ، وأني أوشك أن ادعى فأجيب ، وإني مسئول وأنتم مسئولون ، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا :
نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وجاهدت ، فجزاك الله خيرا ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأن جنته حق وناره حق وأن الموت حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟
قالوا : بلى نشهد بذلك ، قال :
اللهم اشهد ، ثم قال : أيّها الناس ألا تسمعون؟ قالوا : نعم ، قال : فإني فرط على الحوض وأنتم واردون عليّ الحوض ، وإن عرضه ما بين صنعاء وبصرى ، فيه