ينصّ على صحته إمام معتمد كأبي داود والترمذي والنسائي والدارقطني والخطابي والبيهقي في مصنّفاتهم المعتمدة كذا قيّده ابن الصلاح بمصنفاتهم ولم أقيّده بها بل إذا صحّ الطريق إليهم أنهم صحّحوه ولو في غير مصنفاتهم ، أو صحّحه من لم يشتهر له تصنيف من الأئمة كيحيى بن سعيد القطّان وابن معين ونحوهما فالحكم كذلك على الصواب ، وإنما قيّده ابن الصلاح بالمصنّفات لأنه ذهب إلى أنه ليس لأحد في هذه الأعصار أن يصحّح الأحاديث فلهذا لم يعتمد على صحة السند إلى من صحّحه في غير تصنيف مشهور ، ويؤخذ الصحيح أيضا من المصنّفات المختصة بجمع الصحيح فقط كصحيح أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وصحيح أبي حاتم محمّد بن حبّان ، وكتاب المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم ، وكذلك ما يوجد في المستخرجات على الصحيحين من زيادة أو تتمة لمحذوف فهو محكوم بصحته. انتهى.
فعدم إخراج البخاري ومسلم هذا الحديث المتفق على صحته وتواتره والحال هذه لا يكون قدحا في الحديث إن لم يكن نقصا في الكتابين ومؤلّفيهما ، وكأنّ الشيخ محمود القادري فطن بهذا وحاول بقوله الآنف الذكر : «لا وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان» تقديس ساحة الكتابين ومؤلفيهما عن هذا النقص ، لا أنه أراد إثبات صحة الحديث بذلك ، كيف؟ وهو يقول : اتفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنّة (١).
ولا يخفى على الباحث أن القرون الأولى لم يكن يوجد فيها شيء من كلّ هذا اللغط أمام ما أصحر به نبيّ الإسلام يوم الغدير ، نعم كان هناك شرذمة من أهل الحنق والأحقاد على آل الله وكانوا ينحتون له قضية شخصية واقعة بين أمير المؤمنين وزيد بن حارثة ، كل ذلك تصغيرا لموقعه العظيم في النفوس ، إلى أن جاء المأمون العباسي وأحضر أربعين من فقهاء عصره وناظرهم في ذلك ، وأثبت
__________________
(١) الغدير : ج ١ / ٣٢٠.