حرج ، لا قرار فيه. كل هذه المعاني لا توجب فائدة جمع الناس لها ، وتقريرهم على الطاعة وتعظيم الشأن.
فلم يبق من المعاني إلّا الوليّ ، والأولى به ، والمراد منه المتصرّف في الأمر ومتوليه ، فيكون مراده صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» الإمامة التي يعبّر عنها بلفظ أولى ، أو ولي ، ويعبّر عنها بصريح فرض الطاعة فإنه أحرى وهذا واضح البرهان ، لأن المتصرّف الذي قيّضه الله سبحانه لأن يتّبع ويكون إماما ، فيهدي البشر إلى سنن النجاة ، فهو أولى من غيره بأنحاء التصرف في المجتمع الإنساني ، فليس هو إلّا نبيّا أو إماما مفترض الطاعة منصوص به من قبله تعالى بأمر إلهي لا يبارحه في أقواله وأفعاله (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١).
وأما القرائن المقالية : فكثيرة تثبت كون المولى بمعنى الأولى بالشيء ، وإثباتنا لهذه القرائن فيما لو سلّمنا أن «المولى» مشترك لفظي ، أما على القول بأنه ليس للمولى إلّا معنى واحد كما قلنا ، فلا حاجة لذكر القرائن إلّا تأكيدا.
القرينة الأولى :
سبق أمر الله تعالى نبيه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقول : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (٢) فإنه لا يصح حمله على الأمر بتبليغ أن الإمام عليّا عليهالسلام محب أو ناصر لمن أحبّه النبيّ أو نصره ، فإن الذي يليق بهذا التهديد هو أن يكون المبلّغ به أمرا دينيا يلزم الأمة الأخذ به كالإمامة لا مثل الحب والنصرة من الإمام عليّ عليهالسلام لهم التي لا دخل لها بتكليفهم ، فهل ترى أنّ الله سبحانه ورسوله يريدان تسجيل الأمر على أمير المؤمنين عليّ والأشهاد عليه لئلا يفعل ما ينافي الحب والنصرة أو يريدان توضيح الواضحات والأخبار بالبديهيات ، على أن نصرة الإمام عليّ عليهالسلام لكلّ مؤمن ومؤمنة موقوفة على إمامته وزعامته العامة ، إذ لا تتم منه وهو رعية ومحكوم لغيره
__________________
(١) سورة النجم : ٣ ـ ٤.
(٢) سورة المائدة : ٦٧.