الفصاحة لا سيّما في النظم الذي يعتمد صاحبه فيه الفصاحة والبيان.
والثاني : إقرار أمير المؤمنين عليهالسلام قيسا وترك نكيره ، وهو ينشد بحضرته ، ويشهد بالإمامة له ، ويحتج به على الأعداء ، وأمير المؤمنين عليهالسلام ممن لا يقر على باطل ولا يمسك عن الإنكار ، لا سيّما مع ارتفاع التقية عنه ، وتمكّنه من الإنكار.
ومن ذلك احتجاج أمير المؤمنين عليهالسلام لنفسه بذلك في جوابه لمعاوية عن كتابه إليه من الشام ، وقد رام الافتخار بأن أباه كان سيّدا في الجاهلية وأنه صار ملكا في الإسلام وأنه كاتب الوحي وخال المؤمنين فقال عليهالسلام : «أعليّ يفتخر ابن آكلة الأكباد» ثم قال لعبيد الله بن أبي رافع اكتب :
محمّد النبي أخي وصنوي |
|
وحمزة سيّد الشهداء عمّي |
وجعفر الذي يمسي ويضحي |
|
يطير مع الملائكة ابن أمي |
وبنت محمّد سكني وعرسي |
|
فخالط لحمها بدمي ولحمي |
وسبطا أحمد ولداي منها |
|
فأيكم له سهم كسهمي |
سبقتكم إلى الإسلام طرا |
|
صغيرا ما بلغت أوان حلمي |
وصليت الصلاة وكنت طفلا |
|
مقرا بالنبي في بطن أمي |
وأوجب لي ولايته عليكم |
|
رسول الله يوم غدير خم |
فويل ثم ويل ثم ويل |
|
لمن يلقى الإله غدا بظلمي |
أنا الرجل الذي لا تنكروه |
|
ليوم كريهة أو يوم سلم |
فلما وصل الكتاب إلى معاوية قال : «أخفوا هذا الكتاب لا يقرأه أهل الشام فيميلوا إلى ابن أبي طالب عليهالسلام (١).
فأوجب الحجة على خصمه بالإمامة على الجماعة ، فقال النبيّ فيه يوم الغدير ما قال ، وهذا الشعر منقول عنه ومشهور بين الناس. ومما يدل على ما
__________________
(١) المصدر السابق ص ٣٧.