ولأنكره عليه ، وردّه عنه لو أراد النبيّ غيره من أقسام المولى ، فحيث إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يستنكر على حسان فيما اعتقده بإمامة أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام دل ذلك على موافقته له ، لأنه محال مع نصب الله تعالى نبيه للبيان أن يشهد بصحة الباطل ، وهو على الضلال أن يمدح على الغلط من الاعتقاد.
وفي شهادته عليه وآله السلام بصدق حسان فيما حكاه ، ونظمه الكلام بمدحه عليه ، ودعائه له بالتأييد من أجله على ما بيّناه ، دليل على صحة ما ذكرناه ، وشاهد على أن المولى عبارة في اللغة عن «الإمام» لفهم حسان وبقية المسلمين ذلك.
ومن ذلك ما تطابقت به الأخبار ، ونقله رواة السير والآثار ، ودوّنه حملة العربية والأشعار ، من قول قيس بن سعد بن عبادة سيّد نقباء رسول الله من الأنصار ، ومعه راية أمير المؤمنينعليهالسلام ، وهو بين يديه بصفين في قصيدته اللامية التي أولها :
قلت لما بغى العدو علينا |
|
حسبنا ربنا ونعم الوكيل |
حسبنا ربنا الذي فتح البصرة |
|
بالأمس والحديث طويل |
حتى انتهى إلى قوله :
وعليّ إمامنا وإمام لسوانا |
|
أتى به التنزيل |
يوم قال النبيّ : من كنت مولاه |
|
فهذا مولاه خطب جليل |
إن ما قاله النبيّ على الأمة |
|
حتم ما فيه قال وقيل (١) |
قال الشيخ المفيد (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه) :
في هذا الشعر دليلان على الإمامة :
أحدهما : أن المولى يتضمن الإمامة عند أهل اللسان ، للاتفاق على فصاحة قيس ، وأنه لا يجوز عليه أن يعبّر عن معنى ما لا يقع عليه من اللفظ عند أهل
__________________
(١) رسالة في أقسام المولى المطبوعة في أواخر كتاب الإفصاح للشيخ المفيد.