وقوعها ، إذ إنّ حضورهم فرع دعوة السلطان لهم ، وعدم دعوته لهم إنما هو لأسباب لم نطّلع عليها. وأما عدم حصولنا على معلومات عن العلماء المشاركين في المناظرة وعن دورهم وأثرهم في البلاد لا يكون مبرّرا أيضا لعدم إحاطتهم العلمية وعدم قدرتهم على المجادلة ، إذ إنّ إتقان فنّ المجادلة ليست حكرا على العلماء البارزين وليس الإقناع منحصرا بهم حتى يقال لما لم يكونوا حاضرين؟.
مع التأكيد على عدم وجود ملازمة بين عدم معرفتنا بهم وبين عدم إحاطتهم العلمية ، فربّما كانوا محيطين وقادرين على الجدال والمناقشة وإن كنّا لا نعرفهم أو لم نحصل على معلومات عن درجاتهم العلميّة ، وما نراه من خلال المحاورة أنّ العلويّ كان محيطا بكثير من التفاصيل والدقائق التاريخية والفقهية ، فما ادّعاه صاحب الإيراد مصادرة على المطلوب.
بل إن حصر إحاطة العلماء البارزين بمسائل التاريخ وأحكام الفقه وعلم الكلام والفلسفة ما هي إلّا دعوى بحاجة إلى برهان ودليل ، مع أن العكس قد يكون هو الصحيح لا سيّما وأن الظروف الموضوعية والسياسات الوضعية سيّدة الموقف ترفع وتضع من شاءت بلا حساب ، وأكبر شاهد على ما قلنا ما نلحظه اليوم من سياسات عرجاء خفّضت أكابر العلماء وأقعدتهم في بيوتهم ، كل ذلك لأنهم يخالفونها الرأي ولا يتبنّون أفكارها ، وفي المقابل رفعت أشخاصا لم نكن نسمع بذكرهم بل ليس لهم باع في سوق العلم.
هذا مضافا إلى أنّ عدم معرفتنا بهؤلاء العلماء لفقدان المعلومات عنهم في كتب التراجم والتاريخ قد يكون نتيجة عوامل قسرية حجبت تراجمهم عنّا ، وفي تاريخنا شواهد كثيرة على مثل ذلك ، لا سيما في العهدين الأمويّ والعباسيّ حيث أخفيت خلالهما تراجم كثير من العظماء الذين وقفوا في وجه الظلم والفساد في تلك الفترة ؛ بل إنّ بني أمية دسّوا في متون الأخبار فضائل عن