أضاعوا أمير قائدهم فضلّوا |
|
وأقومهم لدى الحدثان ريعا |
تناسوا حقّه وبغوا عليه |
|
بلا ترة وكان لهم قريعا |
فقل لبني أميّة حيث حلّوا |
|
وإن خفت المهنّد والقطيعا |
: ألا أفّ لدهر كنت فيه |
|
هدانا طائعا لكم مطيعا |
أجاع الله من أشبعتموه |
|
وأشبع من بجوركم أجيعا |
ويلعن فذّ أمّته جهارا |
|
إذا ساس البريّة والخليعا |
بمرضيّ السياسة هاشميّ |
|
يكون حيّا لأمّته ربيعا |
وليثا في المشاهد غير نكس |
|
لتقويم البريّة مستطيعا |
يقيم أمورها ويذبّ عنها |
|
ويترك جدبها أبدا مريعا (١) |
فلو لا أن لفظة «مولى» تفيد الإمامة ، لما جاز من الكميت ـ وهو من أهل المعرفة باللغة وأعرف الناس بلغات العرب وأشعارها ـ أن يحكم لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بالإمامة بها ، ولا أن يحتجّ بذلك في شعره الذي هو الطريق إلى العلم بمقداره في المعرفة باللسان ، ويجعله في نظمه بحيث يحتج به على المخالف والمؤالف ، فكيف يجوز أن تلحقه التهمة في الجهل بالعربية عند الخاصة والعامة من الناس ، وكيف يجوز أن يعرف بالعصبية في هذا الباب ، فإنه حمل لفظا عربيا غير محتمل عند أهله على الوجوه كلها والأسباب ، ولم يوجد أحد من نظرائه فعل مثل ذلك لعصبية ولا عناد ، ولئن جاز هذا عليه مع ما هو عليه من المعرفة والفصاحة ليجوزن على جرير والفرزدق والأخطل بل على لبيد وزهير وامرئ القيس حتى لا يصحّ الاستشهاد بشيء من أشعارهم على غريب القرآن ، ولا على لغة ، ولا على إعراب ، وهذا قول من صار إليه ظهر جهله عند العقلاء.
وها هو الشاعر الكبير السيّد الحميري عليه الرحمة (المتوفى عام ١٧٣ ه) يقول في قصيدته المذهّبة ذات ١١٢ بيتا :
__________________
(١) الغدير في الكتاب والسنة ج ٢ / ١٨٠.