أو غيرهما؟ أحسب أن ضميرك الحرّ لا يستبيح لك ذلك ، ويقول لك بكل صراحة : إنه هو تلك الولاية المطلقة التي لم يؤمن بها طواغيت قريش في رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا بعد قهر من آيات باهرة ، وبراهين دامغة ، وحروب طاحنة ، حتى جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ، فكانت هي في أمير المؤمنين أثقل عليهم وأعظم ، وقد جاهر الحارث ـ أو جابر ـ بما أضمره غيره فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر.
فالمولويّة المستعظمة عند العرب الذين لم يكونوا يتنازلون بالخضوع لكل أحد ليست هي المحبة والنصرة ولا شيء من معاني الكلمة ، وإنما هي الرئاسة الكبرى التي كانوا يستصعبون حمل نيرها إلّا بموجب يخضعهم لها وهي التي استوضحها أمير المؤمنين عليهالسلام للملإ باستفهام في رحبة الكوفة لنفر قالوا له : السلام عليك يا مولانا ، فقال لهم : كيف أكون مولاكم وأنتم رهط من العرب؟ فأجابوه إنّا سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، ففهم القوم ما فهموه من نصّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهذا المعنى غير خاف حتى على المخدّرات في الحجال فقد ذكر الزمخشري في ربيع الأبرار الباب الحادي والأربعين :
إن معاوية حجّ مرة فطلب امرأة يقال لها : دارميّة الحجونيّة من شيعة أمير المؤمنين عليّ وكانت سوداء ضخمة ، فقال : كيف حالك يا بنت حام؟ فقالت : بخير ولست بحام إنما أنا امرأة من بني كنانة ، فقال : صدقت ، هل تعلمين لم دعوتك؟
قالت : يا سبحان الله وإني لم أعلم الغيب ، قال : لأسألك لم أحببت عليّا وأبغضتيني ، وواليتيه وعاديتيني؟ قالت : أو تعفني؟ قال : لا ، قالت : أما إذا أبيت فإني أحببت عليّا على عدله في الرعيّة ، وقسمه بالسويّة ، وأبغضتك على قتال من هو أولى بالأمر منك ، وطلبك ما ليس لك ، وواليت عليّا على ما عقد له رسول الله من الولاية يوم خم بمشهد منك ، وحبّه للمساكين ، وإعظامه لأهل الدين ،