فليت شعري أي معنى من معاني المولى الممكنة تطبيقه على مولانا لم يكن قبل ذلك اليوم حتى تجدّد به فأتيا يهنئانه لأجله ويصارحانه بأنه أصبح ملتفعا به يوم ذاك؟ أهو معنى النصرة أو المحبة اللتين لم يزل أمير المؤمنين عليهالسلام متصفا بهما منذ رضع ثدي الإيمان مع صنوه المصطفىصلىاللهعليهوآلهوسلم؟ أم غيرها مما لا يمكن أن يراد في خصوص المقام؟ لاها الله لا ذلك ولا هذا ، وإنما أرادا معنى فهمه كل الحضور من أنه أولى بهما وبالمسلمين أجمع من أنفسهم وعلى ذلك بايعاه وهنئاه.
ومن أولئك : الحارث بن النعمان الفهري ـ أو جابر ـ المنتقم منه بعاجل العقوبة يوم جاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول : يا محمّد؟ أمرتنا بالشهادتين والصلاة والزكاة والحج ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، فهذا شيء منك أم من الله؟ فقال رسول الله : والذي لا إله إلّا هو أن هذا من الله ، فولّى جابر يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمّد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله (١) ، وأنزل الله تعالى: (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) (٢).
فهل المعنى الملازم للتفضيل هو الذي استعظمه هذا الكافر الحاسد ، وطفق يشكّك أنّه من الله أم أنه محاباة من الرسول ، يمكن أن يراد به أحد ذينك المعنيين
__________________
ـ ج ٣ / ١٢٨ ، التمهيد في أصول الدين للباقلاني ص ١١٧ ، الفصول المهمة لابن الصبّاغ ص ٢٥ ، فضائل الصحابة لأبي سعيد السمعاني ص ٢٧٢ وسر العالمين للغزالي ص ٩. الملل والنحل للشهرستاني المطبوع بهامش الفصل لابن حزم ج ١ / ٢٢٠ ، وقد أخرجه الحجة الأميني في الغدير ج ١ / ٢٧٦ عن ستين مصدرا عاميّا فليراجع.
(١) تفسير القرآن لأبي عبيد الهروي / سورة المعارج ، تفسير شفاء الصدور / أبو بكر النقّاش ، والكشف والبيان / أبو إسحاق النيسابوري ، وتفسير القرطبي / سورة المعارج ، ودعاة الهداة إلى حق الموالاة / أبو القاسم الحسكاني.
(٢) سورة المعارج : ١ ـ ٣.