قال خالد بن عبد الله الأزهري في باب التفضيل من كتابه التصريح : «إنّ صحّة وقوع المرادف موقع مرادفه إنما يكون إذا لم يمنع من ذلك مانع ، وهاهنا منع مانع وهو الاستعمال ، فإنّ اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجرّ إلّا (من) خاصّة ، وقد تحذف مع مجرورها للعلم بها نحو : والآخرة خير وأبقى.
على أن ما تشبّث به الرازي يطّرد في غير واحد من معاني المولى التي ذكرها هو وغيره ، منها ما اختاره معنى للحديث وهو : الناصر فلم يستعمل هو مولى دين الله مكان ناصره ، ولا قال عيسى على نبينا وآله وعليه أفضل التحية والإكرام : من مواليّ إلى الله. مكان قوله : من أنصاري إلى الله ، ولا قال الحواريون : نحن مواليّ الله. بدل قولهم : نحن أنصار الله.
ومنها الوليّ فيقال للمؤمن : هو وليّ الله ولم يرد من اللغة مولاه ، ويقال : الله وليّ المؤمنين ومولاهم كما نصّ به الراغب في مفرداته ص ٥٥٥.
وهلمّ معي إلى أحد معاني المولى المتفق على إثباته وهو المنعم عليه فإنك تجده مخالفا مع أصله في مصاحبة (على) فيجب على الرازي أن يمنعه إلّا أن يقول : إنّ مجموع اللفظ وأداته هو معنى المولى لكن ينكمش منه في الأولى به لأمر ما دبّره بليل.
وهذه الحالة مطردة في تفسير الألفاظ والمشتقات وكثير من المترادفات على فرض ثبوت الترادف فيقال : أجحف به وجحفه أكبّ لوجهه وكبّه الله. احرس به وحرسه. زريت عليه زريا وأزريت به نسأ الله في أجله وانسأ أجله ، رفقت به وأرفقته ، خرجت به وأخرجته ، غفلت عنه وأغفلته ..» (١). انتهى.
وهذا الاختلاف يطرد في جلّ الألفاظ المترادفة التي جمعها الرماني المتوفى ٣٨٤ ه في تأليف مفرد في ٤٥ صفحة ولم ينكر أحد من اللغويين شيئا من ذلك لمحض اختلاف الكيفيّة في أداة الصحبة كما لم ينكروا بسائر الاختلافات الواردة
__________________
(١) الغدير ج ١ / ٣٥٢.