ولا تفاضل بين المسلمين من ناحيته في الجملة ، وذلك المعنى المستنكر المثبت لا يكون إلّا الأولوية أو ما يجري مجراها من معاني المولى.
(٢) إذا كان أسامة بن زيد قد أعتقه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا معنى لإعتاق الإمام عليّ عليهالسلام له ، ولو فرض فلا يناسبه هذا الاهتمام العظيم ، على أن أسامة لم يعتقه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنما أعتق أباه زيد بن حارثة ، فإطلاق أنه مولى رسول الله عليه إنما هو باعتبار انجرار الولاء إليه من أبيه ، ولهذا قال بعضهم : إن القائل للإمام عليّ : «لست مولاي وإنما مولاي رسول الله» هو زيد بن حارثة ، فقال رسول الله : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ردا لقول زيد.
ولعلّ هذا القول قاله إسحاق بن حمّاد بن زيد للمأمون ، لمّا جمع العلماء ليحتجّ عليهم في فضل الإمام عليّ عليهالسلام فيما ذكره صاحب العقد الفريد ، فقال إسحاق للمأمون : ذكروا أن الحديث إنما كان بسبب زيد بن حارثة لشيء جرى بينه وبين الإمام عليّ ، وأنكر ولاء الإمام عليعليهالسلام ، فقال رسول الله : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه».
فردّ عليه المأمون بأن ذلك كان في حجة الوداع ، وزيد بن حارثة قتل قبل ذلك ، وكأنّ من ذكر هذا العذر التفت إلى مثل ما ردّ به المأمون ، فغيّر العذر ، وقال : إنه قال ذلك في شأن أسامة بن زيد.
وسواء قيل : إن ذلك في شأن زيد أو ابنه أسامة ، فزيد إنما هو مولى عتاقة وابنه أسامة كذلك بجرّ الولاء ، والإمام عليّ عليهالسلام لم يعتقه ، وإنما أعتقه النبيّ فكيف يكون زيد أو ابنه مولاه وهو لم يعتقه؟! وعلى فرض صحة الحادثة ، فيكون ما قصده رسول الله وأمير المؤمنين من لفظ «المولى» غير ما قصده زيد أو أسامة ، حيث كان قصد أسامة الإعتاق ، وقصد النبيّ الأولوية في التصرف.