جنده الذين معه رجلا من أصحابه ، فعمد ذلك الرجل فكسى كل رجل من القوم حلّة من البز الذي كان مع عليّ ـ وهو الذي أخذه من أهل نجران ـ فلمّا دنا جيشه خرج ليلقاهم فإذا عليهم الحلل ، قال : «ويلك ما هذا؟» قال : «كسوت القوم ليتجمّلوا به إذا قدموا في الناس».
قال : ويلك انزع قبل أن ينتهي به إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فانتزع الحلل من الناس (فردّها) في البز ، وأظهر الجيش شكواهم لما صنع بهم. ثم حكى عن ابن اسحاق أنه روى بسنده عن أبي سعيد الخدري ، قال : اشتكى الناس عليّا ، فقام رسول الله فينا خطيبا فسمعته يقول : «أيّها النّاس ، لا تشكوا عليّا ، فو الله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله من أن يشكى». ثم حكى عن أحمد أنه روى بسنده عن بريدة ، قال : غزوت مع عليّ اليمن ، فرأيت منه جفوة ، فلما قدمت على رسول الله ذكرت عليا فتنقصته ، فرأيت وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتغيّر ، فقال : يا بريدة ، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قلت : بلى يا رسول الله.
قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه».
قال ابن كثير : وكذا رواه النسائي بإسناده نحوه ، وهذا إسناد جيد قويّ رجاله كلهم ثقات ، إلى آخره.
ثم أتبع ابن كثير ذلك بروايات الغدير ، ليجعلهما بزعمه واقعة واحدة ، وأنّ ما وقع يوم الغدير هو تدارك لما وقع في سفر اليمن ، وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن يوم الغدير فضل الإمام عليّ عليهالسلام وبراءة ساحته مما تكلّم فيه أهل ذلك الجيش ، مع أنهما واقعتان لا دخل لإحداهما في الأخرى ، فلما شكا الجيش من الإمام عليهالسلام ، وكانت شكايتهم منه بمكة في أيام الحجّ ، غضب النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك وبيّن لهم أن شكايتهم منه في غير محلّها وقام فيهم خطيبا وقال : «أيّها الناس لا تشكوا عليّا ، فو الله إنه لأخشن في ذات الله من أن يشكى».